موضوع عشوائي

آخر المواضيع

رسالة من ناصح أمين

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة من ناصح أمين

ذهب جماعة إلى الإمام أبي حنيفة ليسألوه عن وجود الله - سبحانه - فَقَالَ لَهُمْ دَعُونِي فَإِنِّي مُفَكِّرٌ فِي أَمْرٍ قَدْ أُخْبِرْتُ عَنْهُ, ذَكَرُوا لِي أَنَّ سَفِينَةً فِي الْبَحْرِ مُوقَرَةٌ فِيهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْمَتَاجِرِ وَلَيْسَ بِهَا أَحَدٌ يَحْرُسُهَا وَلَا يَسُوقُهَا وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَذْهَبُ وَتَجِيءُ وَتَسِيرُ بِنَفْسِهَا وَتَخْتَرِقُ الْأَمْوَاجَ الْعِظَامَ حَتَّى تَخْلُصَ مِنْهَا وتسير حيث شاءت بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسُوقَهَا أَحَدٌ ، فَقَالُوا : هَذَا شَيْءٌ لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ ، فَقَالَ: وَيحَكُمْ هَذِهِ الْمَوْجُودَاتُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحْكَمَةِ لَيْسَ لَهَا صَانِعٌ؟ فَبُهِتَ الْقَوْمُ وَرَجَعُوا إِلَى الْحَقِّ وَأَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْهِ .


الآن أتوجه بسؤال لي ولكم – حفظكم الله - :"لماذا نحن في الدنيا ؟"


للأسف رغم وضوح كل شيء إلا أن أكثر الناس لا يعرفون الإجابة ، سأل أحد الصحفيين المغني المغربي - في سبعينيات القرن الماضي - "سعيد الزيان" ، وهو في قمة الشهرة والغنى "هل أنت سعيد ؟"فقال له "أنا اسمي سَعْي ، وما زلت أبحث عن الدال ليكتمل اسمي وأصل إلى السعادة" ومرت السنوات وهو يبحث عن السعادة في المغرب فلم يجدها فسافر إلى أوروبا ، التي فوجئ بكثرة المنتحرين فيها، وضاقت به الدنيا وحاول الانتحار حتى هداه الله ، وحينئذ قال "وجدت الدال في الدين والدعوة" ، وأعجبتني كلمة المغنية الفرنسية المشهورة دْيَامْسْ Diam's ، التي أسلمت منذ 2009 ، حين سألها المذيع "هل أنت مرتاحة الآن ؟" فقالت "نعم ، عرفت لِمَ أنا هنا" .

أخي الكريم ، أختي الفاضلة ... يقول الله – سبحانه - : ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)) ، هذه دعوة ليتعرف كلٌّ منا على نفسه ، ومن عرف نفسه عرف ربه ، كيف أعيش عشرات السنين وأنا لا أعرف نفسي ؟!


يشتمل مخ الإنسان على 150 مليار خلية عقلية ، لا يستخدم الإنسان منها إلا 10 % من الخلايا على أقصى تقدير ، المخ أسرع من الضوء (الذي سرعته 300 ألف كيلو متر في الثانية) ، يدق القلب 100 ألف مرة يوميا ويضخ يوميا 7600 لتر ، وتستغرق دورة القلب حوالي 0.8 ثانية فقط ، ولو توقف مرة واحدة لمات الإنسان ، تستطيع الأنف تمييز 14 ألف رائحة في الثانية الواحدة ، العين تميز 10 مليون لون في الثانية الواحدة ، ولها ست عضلات تساعد على تحريكها ، وتطرف العين كل يوم ما لا يقل عن 10 آلاف مرة ؛ لحماية العين ، وإن اقترب شيء من العين تغلق تلقائيا في 0.4 من الثانية ، أذن الإنسان تسمع من 20 إلى 20 ألف هرتز ، ومن رحمة الله أن حجب عنا أصوات تسبيح الكائنات كما حجب عنا أصوات المعذبين في قبورهم ، وقد جعل الله حول الأذن تعرجات وجعل فيها إفرازات حتى تصد عنها الأشياء المؤذية ، لسان الإنسان له أربع عضلات ، ويتكون من ثلاث طبقات لتمييز آلاف الأطعمة ، وفي ذات الوقت هو آله الكلام ، لو اجتمعت عضلات الإنسان تستطيع شد 25 طن ، طاقة الإنسان لو حُوِّلت إلى كهرباء تستطيع إضاءة بلدة كاملة لمدة أسبوع (بما يعادل 80 مليار دولار) ، الإنسان منا دولة كاملة بكل وزاراتها "الداخلية والخارجية والدفاع والمواصلات والطوارئ" بل إن الله وهب الإنسان وزارة ليست في أي دولة في العالم ، وهي وزارة الرومانسية" . هذه قطرة من بحار نعم الله علينا ورحمة الله بنا ، ((ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)) . 

 خلق الله – عز وجل – كل ما في الكون لخدمتنا نحن البشر ، وخلقنا لعبادته وهو الغني عنا ، ألا يستحق أن نشكره ونعبده ولا نشرك به شيئًا ؟! نعبده لنسعد في الدنيا والآخرة ، قال الله – تعالى - : ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)) . والعبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه ؛ فما المانع أن نكون أصحاب رسالة ونقدم للناس ما ينفعهم "وخير الناس وأحبهم إلى الله أنفعهم للناس" ، فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ، تذكر أخي الحبيب ، تذكري أختي الكريمة أن الله خلق كل شيء في هذا الكون بنظام وحكمة ، فالشمس والقمر والنجوم والحيوانات والبحار والأشجار والجبال ، كل شيء يسبح الله ويؤدي ما خلقه الله من أجله ، وإذا كان سجود الشمس الشروق والغروب فسجود الناس توحيد علام الغيوب ، وإذا كان غذاء البدن الطعامَ والشراب فإن غذاء الروح كلام رب الأرباب . لم نر يومًا آلة بدون دليل مستخدم ، الله – سبحانه وتعالى – خلقنا وأرسل إلينا أفضل خلقه ، وأنزل إلينا أعظم كتبه ؛ لنعرف كيف نتعامل مع نِعَمِه ، فالقرآن للإنسان كالروح للجثمان ، والحمد لله القائل : ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)) فلم يحرم الله شيئا إلا وأحل أشياءً أخرى كثيرة خيرا منه ، والمحرمات معدودة على الأصابع ، أما المباحات فهي لا تعد ولا تحصى . تذكروا إخواني الكرام أن حياتنا في الدنيا قصيرة جدًا ، وكما جئنا إلى الدنيا وحدنا ، سنخرج منها وحدنا ليس معنا صديق ولا رفيق ولا حبيب إلا أعمالنا ، والموت لا يفرق بين صغير ولا كبير :

تزَودْ من التقوى فإنكَ لا تدري ... إذا جنَّ ليلٌ هلْ تعيشَ إلى الفجر ؟
فكمْ من صحيحٍ ماتَ من غيرِ علةٍ ... وكمْ من عليلٍ عاشَ حينًا من الدهرِ
وكمْ من صغارٍ يرتجى طولَ عُمْرَهْم ... وقدْ أُدْخِلَتْ أجسادَهُمْ ظُلمَة القبرِ
وكمْ من عرُوسٍ زَينوها لِزَوجها ... وقدْ قُبضَتْ أَرْواحَهُم ليلةَ القدرِ
وكمْ من فتىَ أمسى وأصبحَ ضاحكًا ... وقدْ نُسِجَتْ أكفَانَهْ وَهوَ لا يدري


يقول رسول الرحمة – صلى الله عليه وآله وسلم - : «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» سيحاسبنا الله على أعمالنا ، والميزان عند الله دقيق : ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ))
فاعمل لدارِ غدٍ رضوان خازنها *** و الجار أحمد و الرحمن ناشيها
قصورها ذهب و المسك طينتها *** و الزعفران ربيع نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل *** و الخمر يجري رحيقا في مجاريها
و الطير تجري على الأغصان عاكفة *** تسبح الله جهراً في مغانيها
فمن يشتري الدار الفردوس يعمرها *** بركعة في ظلام الليل يحييها


هذه الورقة تشتمل على آيات قرآنية وأحاديث نبوية فنرجو المحافظة عليها ونشرها ، والدال على الخير كفاعله ، بارك الله فيكم .



الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©