موضوع عشوائي

آخر المواضيع

بحوث حديثية 4- الإسناد العالي والإسناد النازل 2

بسم الله الرحمن الرحيم


وقسم بعض العلماء العلو إلى قسمين :
11-علو مطلق : ويكون بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح .
2-علو نسبي : العلو بقربه إلى إمام حافظ، أو مصنف، أو بتقدم لسماع ، وهي أمور نسبية.
أولا : العلو المطلق : ويكون بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح .
الإسناد العالي باعتبار قربه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا يسمى الإسناد العالي المطلق.
مسألة: الأسانيد الثلاثية عند أصحاب الكتب الستة وعند الإمام أحمد:
·       أولاً: البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ عنده 22 إسناداً ثلاثياً، جاءت من خمسة طرق:
o     الطريق الأول: من طريق شيخه المكي بن إبراهيم.
مثال : قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله (ت 256 هـ) حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».[1]
o     الطريق الثاني: من طريق شيخه أبو عاصم الضحاك بن مخلد، كلاهما ـ أعني المكي وأبوعاصم ـ عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -.
o     الطريق الثالث: من طريق شيخه محمد بن عبد الله الأنصاري عن حميد عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
o     الطريق الرابع: من طريق شيخه عصام بن خالد عن حَريز بن عثمان عن عبد الله بن بُسْر - رضي الله عنه -.
o     الطريق الخامس: من طريق شيخه خلاد بن يحيى عن عيسى بن طهمان عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
·       ثانياً: مسلم ـ رحمه الله تعالى ـ ليس عنده إسناد ثلاثي.
·       ثالثاً: أبو داود ـ رحمه الله تعالى ـ ليس عنده إسناد ثلاثي.
·       رابعاً: الترمذي ـ رحمه الله تعالى ـ عنده حديث واحد إسناده ثلاثياً، من طريق شيخه إسماعيل بن موسى الفزاري بن بنت السُدّي الكوفي عن عمر بن شاكر عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
·       خامساً: النسائي ـ رحمه الله تعالى ـ ليس عنده إسناد ثلاثي.
·       سادساً: ابن ماجه ـ رحمه الله تعالى ـ عنده خمسة أحاديث أسانيدها ثلاثية، كلها من طريق شيخه جبارة بن مُغَلِّس عن كثير بن سليم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
·       سابعاً: الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ عنده 332 إسناداً ثلاثياً، شرحها السفّاريني في كتابه " شرح ثلاثيات المسند ".
وتعرف الأسانيد العالية من خلال كتب المصطلح في باب " الإسناد العالي والنازل ".[2]
ثانيًا : العلو النسبي : العلو بقربه إلى إمام حافظ، أو مصنف، أو بتقدم لسماع ، وهي أمور نسبية.
مثال: الإمام البيهقي ـ رحمه الله تعالى ـ إذا كان له إسناد بينه وبين البخاري أربعة، وإسناد آخر بينه وبين البخاري ثلاثة فهذا الإسناد الذي بينه وبين البخاري ثلاثة، إسناده عالٍ بالنسبة إلى الإمام البخاري، وليس إسناداً عالياً مطلقاً، لأنه قد يكون هناك إسناد أقوى من البخاري يقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرب جداً، لكن نحن نتكلم عمن إلى البخاري نفسه.
قد يقول قائل: إذا صاروا ثلاثة إلى البخاري، وهذا أربعة إلى البخاري، سيكون عالٍ إلى الإمام وعالٍ إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأنه قلّ رجل، لا. هذا غلط، لأنه قد يكون هناك إسناد من غير البخاري يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأقل من هذا.
إذاً نقول إن الإسناد العالي إلى إمام لا يلزم منه أن يكون هو الإسناد العالي، قد يكون هناك إسناد أقل منه عالي مطلقاً لا إشكال في هذا لكن من حيث الوصول إلى الإمام يكون إسناداً عالياً.
فمثلاً الحاكم كم بينه وبين البخاري؟ ، أبو عوانة كم بينه وبين مسلم؟ ، وهذه هي صفة المستخرجات على الكتب كمستخرج أبي عوانة، ومستخرج أبي نعيم على البخاري وعلى مسلم، يأتي هذا الإمام فيوافق هذا الإمام في أسانيده وفي أحاديثه، فيستخرج على هذا الكتاب أسانيد أخرى.
إذاً نقول الإسناد العالي ينقسم إلى قسمين:
1) إسناد عالٍ مطلقاً.
2) إسناد عالي بالنسبة إلى إمام أو كتاب، وهذا تكلم فيها أهل العلم بكلام لا فائدة منه يعني هناك الإسناد العالي الموافقة، وهناك المساواة، وهناك الإبدال، وهناك المصافحة، هذه كلها ليس لها كبير فائدة وهي سهلة موجودة في الشروح، وقلّ من يعتني بهذا العلم.[3]
قال صاحب الباعث الحثيث :
"وقد تكلم الشيخ أبو عمر ها هنا على " الموافقة "، وهي: انتهاء الإسناد إلى شيخ مسلم مثلاً. " والبدل "، وهو: إنتهاءه إلى شيخ شيخه أو مثل شيخه. " والمساواة "، وهو: أن تساوي في إسنادك الحديث لمصنف. " والمصافحة " وهي: عبارة عن نزولك عنه بدرجة حتى كأنه صافحك به وسمعته منه.
وهذه الفنون توجد كثيراً في كلام الخطيب البغدادي ومن نحا نحوه، قد صنف الحافظ ابن عساكر في ذلك مجلدات. وعندي أنه نوع قليل الجدوى بالنسبة إلى بقية الفنون. قد صنف الحافظ ابن عساكر في ذلك مجلدات. وعندي أنه نوع قليل الجدوى بالنسبة إلى بقية الفنون."
ثم نقل قولا شاذا محكيا عن الوزير نظام الملك، وعن الحافظ السلفي،
"يقتضي أن العالي من الإسناد ما صح سنده، وإن كثرت رجاله" ، قال :
" فهذا اصطلاح خاص، وماذا يقول هذا القائل فيما إذا صح الإسنادان، لكن أقرب رجالاً؟ "
أيهما أفضل علو الإسناد أم نزوله مع جلالة الرواة ؟
نصَّ كثير من علماء المصطلح على أفضلية الإسناد العالي ، لكن نقل الإمام ابن الصلاح عَنِ الْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ مِنْ قَوْلِهِ: " عِنْدِي أَنَّ الْحَدِيثَ الْعَالِيَ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ بَلَغَتْ رُوَاتُهُ مِائَةً "، فَهَذَا وَنَحْوُهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْعُلُوِّ الْمُتَعَارَفِ إِطْلَاقُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ عُلُوٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَحَسْبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وعن ابن المبارك: ليس جودة الحديث قرب الإسناد "بل جودة" الحديث صحة الرجال.
وقال الْحَافِظُ أَبُو الطَّاهِرِ السِّلَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الأصل الأخذ عن العلماء فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة والنازل حينئذ هو العالي في المعنى عند النظر والتحقيق.
كما ذكر المصنف عن "نظام الملك": وعن السلفي في هذه الأبيات:
ليس حسن الحديث قرب رجال ... عند أرباب علمه النقاد
بل علو الحديث بين أولي الحفظ ... والإتقان صحة الإسناد
إذا ما تجمعا في حديث ... فاغتنمه فذاك أقصى المراد"[4]
قال ابن الصلاح :" ثُمَّ إِنَّ النُّزُولَ مَفْضُولٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، وَالْفَضِيلَةُ لِلْعُلُوِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَدَلِيلُهُ. وَحَكَى ابْنُ خَلَّادٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّهُ قَالَ: " التَّنَزُّلُ فِي الْإِسْنَادِ أَفْضَلُ "، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ، وَالنَّظَرُ فِي تَعْدِيلِ كُلِّ رَاوٍ وَتَجْرِيحِهِ، فَكُلَّمَا زَادُوا كَانَ الِاجْتِهَادُ أَكْثَرَ.
وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ ضَعِيفُ الْحُجَّةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَبِي عَمْرٍو الْمُسْتَمْلِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: " النُّزُولُ شُؤْمٌ ".
وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا جَاءَ فِي ذَمِّ النُّزُولِ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ النُّزُولِ، فَإِنَّ النُّزُولَ إِذَا تَعَيَّنَ - دُونَ الْعُلُوِّ - طَرِيقًا إِلَى فَائِدَةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى فَائِدَةِ الْعُلُوِّ فَهُوَ مُخْتَارٌ غَيْرُ مَرْذُولٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ" .[5]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله :  "وأما النزول فهو ضد العلو، وهو مفضول بالنسبة إلى العلو. اللهم إلا أن يكون رجال الإسناد النازل أجل من رجال العالي، وإن كان الجميع ثقات.
كما قال وكيع لأصحابه: أيما أحب إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن؟ ابن مسعود، أو سفيان عن منصور إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود؟ فقالوا: الأول، فقال: الأعمش عن أبي وائل: شيخ عن شيخ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود: فقيه عن فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء أحب إلينا مما يتداوله الشيوخ".[6]






[1] - صحيح البخاري (109) (1 / 33)
[2] - الكواكب الدرية (ص 71 ، 72).
[3] - الكواكب الدرية ص 72 ، 73.
[4] - الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح رحمه الله تعالى، (2 / 433)، للإمام إبراهيم بن موسى ابن أيوب، برهان الدين أبي إسحاق الأبناسي، ثم القاهري، الشافعي (ت 802هـ) ت: صلاح فتحي هلل - مكتبة الرشد – ط1 ، 1418هـ 1998م .
[5] - مقدمة ابن الصلاح (1/255 : 264).
[6] - الباعث الحثيث (ص: 161 ، 162) للإمام أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (ت 774هـ)، ت : أ/أحمد محمد شاكر رحمه الله - دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©