موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة بحوث حديثية 1 - تعريف الإسناد 1



بسم الله الرحمن الرحيم
 تعريف الإسناد .
قال الأزهري  :
"قَالَ اللَّيْث: السَّنَد مَا ارْتَفع من الأَرْض فِي قُبل جبَل أَو وَادِ، وكلُّ شَيْء أسنَدْتَ إِلَيْهِ شَيْئا فَهُوَ مُسنَد. قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الْكَلَام سنَد ومُسنَد، فَالسَّنَد كَقَوْلِك: عبدُ الله رجلٌ صَالح، فعبدُ الله سنَد، ورجلٌ صَالح مُسنَدٌ إِلَيْهِ".ثم قال : "والمسنَد من الحَدِيث: مَا اتّصل إِسْنَاده حَتَّى يُرفع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " .[1]
قال الزبيدي :
" و مِنَ المَجَازِ: حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، وَحَدِيث قَوِيُّ السَّنَدِ. والأَسَانِيدُ: قوائِمُ الأَحادِيثِ. (المُسْنَدُ) ، كمُكْرَم (ن الحَدِيثِ: مَا أُسْنِدَ إِلى قائِلِهِ) أَي اتَّصَلَ إِسنادُه حَتَّى يُسْنَد إِلى النّبيّ صلَّى الله عليْه وسلّم ، والإِسناد فِي الحَدِيث: رَفْعُه إِلى قائِلِه، (ج: مَسانِدُ) ، على الْقيَاس، (ومَسَانِيد) بِزِيَادَة التحتيّة إِشباعاً، وَقد قيل إِنه لُغة. وحكَى بعضُهم فِي مثلِه القياسَ أَيضاً. كَذَا قَالَه شيخُنا (عَن) الإِمام مُحمدِ بنِ إِدْرِيسَ (الشَّافِعِيِّ) المُطَّلبيّ، رَضِي الله عَنهُ".[2]
وجاء في معجم لغة الفقهاء  :
السند: بفتح السين والنون، ج إسناد وأسانيد، ما يستند إليه، ... Support / / المعتمد ... Deed * سند الحديث: سلسلة الرجال الذين نقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ... Chain of authorities on which tradition is based * سند القول: الدليل أو القاعدة أو الأصل الذي بني عليه القول ... Documentary evidence .([3])
وأما في مصطلح الحديث فإن الإسناد هو سلسلة الرواة الناقلين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من دونه ، قال ابن جَمَاعة :
" وَأما السَّنَد فَهُوَ الْإِخْبَار عَن طَرِيق الْمَتْن وَهُوَ مَأْخُوذ إِمَّا من السَّنَد: وَهُوَ مَا ارْتَفع وَعلا عَن سفح الْجَبَل لِأَن الْمسند يرفعهُ إِلَى قَائِله أَو من قَوْلهم فلَان سَنَد أَي مُعْتَمد فَسُمي الْإِخْبَار عَن طَرِيق الْمَتْن سندا لاعتماد الْحفاظ فِي صِحَة الحَدِيث وَضَعفه عَلَيْهِ.
وَأما الْإِسْنَاد فَهُوَ رفع الحَدِيث إِلَى قَائِله ".[4]
 مثال : ((قال الإمام أبو عبد الله البخاري حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».[5]
ودرج كثير من العلماء على عدم التفرقة بين السند والإسناد ؛ فيقولون إسناده صحيح، ويعنون بذلك سنده.[6]
"والإسناد خَصِيصَةٌ فَاضِلَةٌ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَسُنَّةٌ بَالِغَةٌ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ " ... . [7]


[1] - تهذيب اللغة: 12 / 254 ، 255، للإمام محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي ، أبي منصور - رحمه الله (ت  370هـ) المحقق: محمد عوض مرعب - دار إحياء التراث العربي - بيروت ط1 ، 2001م.
[2] - تاج العروس من جواهر القاموس (8 / 216 ، 217 ) للإمام محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبي الفيض، الملقّب بمرتضى الزَّبيدي - رحمه الله (ت 1205هـ) - مجموعة من المحققين - دار الهداية .
[3] - معجم لغة الفقهاء : (1 / 251) . المؤلف: محمد رواس قلعجي - حامد صادق قنيبي - دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع – ط 2 ، 1408 هـ - 1988 م.
[4] - المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي: (ص 29 ، 30) للإمام أبي عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي، بدر الدين (ت 733هـ) المحقق: د. محيي الدين عبد الرحمن رمضان - الناشر: دار الفكر – دمشق - الطبعة: الثانية، 1406، وكذا قال الإمام عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي - (ت 911هـ) رحمه الله في (معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم): (رقم 49 ، 50) (ص: 44) المحقق: أ. د محمد إبراهيم عبادة - مكتبة الآداب - القاهرة / مصر – ط 1 ، 1424هـ - 2004 م .
[5] - صحيح البخاري: (1) (1 / 6) للإمام محمد بن إسماعيل أبي عبد الله البخاري الجعفي - ت محمد زهير بن ناصر الناصر - دار طوق النجاة – ط1 ، 1422هـ .
[6] - (شرح البيقونية    59) للشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت 1421 هـ) رحمه الله - تحقيق أبي عبد الله سيد بن عباس الجليمي –مكتبة السنة بالقاهرة – ط 1415 هـ ، وانظر المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي  (ص: 29 ، 30) ، والمقنع في علوم الحديث للإمام ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (ت 804هـ) - المحقق: عبد الله بن يوسف الجديع - دار فواز للنشر – السعودية ط1413هـ .
[7] - معرفة أنواع علوم الحديث، ويُعرف بمقدمة ابن الصلاح للإمام عثمان بن عبد الرحمن، أبي عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (ت 643هـ)، (1 /  255 : 264) . ت: نور الدين عتر - دار الفكر- سوريا، دار الفكر المعاصر – بيروت - سنة النشر: 1406هـ - 1986م .



وهناك اصطلاحات هامة متعلقة بالإسناد ، وهي :
1- المُسْنَد بفتح النون لغةً: اسم مفعول، من أسند الشيء إليه، بمعنى: عزاه ونسبه إليه ، واصطلاحا له معان متعددة :
 أولها : " ما اتصل إسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير انقطاع "، فلا يستعمل إلا في المرفوع والمتصل كإسناد مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَوله وَلم يبن أَي وَالْحَال ان الاسناد لم يَنْقَطِع جملَة مُؤَكدَة لما قبلهَا ، وهو تعريف الإمام أبي عبد الله الحاكم ، وهو التعريف الصحيح الذي أخذ به أكثر العلماء ، والبعض قال ما اتصل إسناده إلى أي راوٍ مطلقًا بدون تخصيص للنبي صلى الله عليه وسلم . قال الإمام البيقوني رحمه الله :
والُمسنَدُ الُمتَّصِلُ الإسنادِ مِنْ ... رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ ([1])
الثَّانِي: الْكِتَابُ الَّذِي جُمِعَ فِيهِ مَا أَسْنَدَهُ الصَّحَابَةُ، أَيْ رَوَوْهُ، فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلَقَ وَيُرَادَ بِهِ الْإِسْنَادُ، فَيَكُونُ مَصْدَرًا، كَمُسْنَدِ الشِّهَابِ، وَمُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ: أَيْ أَسَانِيدُ أَحَادِيثِهِمَا.[2]
2- الْمُسْنِد بكسر النون: هو الذي يرفع الحديث إلى قائله ويرويه بإسناده سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ رِوَايَةٍ، وَأَمَّا الْمُحَدِّثُ فَهُوَ أَرْفَعُ مِنْهُ. بحيث عرف الأسانيد والعلل، وأسماء الرجال. وأكثر من حفظ المتون وسماع الكتب الستة والمسانيد والمعاجم والأجزاء الحديثية، وأما الحافظ فهو مرادف للمحدث عند السلف.[3]
3- المُسْنَد إليه : هو الشخص الذي نُسِبَ إليه الحديث ، فإذا قال قائل : حدثني فلان ، فالأول مسنَد ، والثاني مسنَدٌ إليه ، يعني أن كل من نَسَب الحديث فهو مُسْنِد ، ومن نُسِبَ إليه الحديث فهو مسنَدٌ إليه .[4]


[1] - الكواكب الدرّية على المنظومة البيقونية، (ص: 45) للشيخ سليمان بن خالد الحربي (تسجيلات صوتية مفرغة) .
[2] - تيسير مصطلح الحديث (ص 19) للأستاذ أبي حفص محمود بن أحمد بن محمود طحان النعيمي - مكتبة المعارف للنشر والتوزيع – ط10 ، 1425هـ-2004م ، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1 / 28) للإمام عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت 911هـ) ت : أبي قتيبة نظر محمد الفاريابي - دار طيبة .
[3] - الوسيط في علوم ومصطلح الحديث للأستاذ محمد بن محمد بن سويلم أبو شُهبة (ت 1403هـ)- دار الفكر العربي ، شرح (التبصرة والتذكرة = ألفية العراقي) للإمام أبي الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي (ت 806هـ) ت: عبد اللطيف الهميم - ماهر ياسين فحل - الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان - ط1 ، 1423 هـ - 2002 م ، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1 / 30) للسيوطي ، قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث للإمام محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي (ت 1332هـ) - دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان .
[4] - شرح البيقونية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله  (ص : 59).

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©