موضوع عشوائي

آخر المواضيع

العرب والإسلام والتقدم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ...
أما بعد فقد لفت انتباهي عند مطالعة بعض المواقع في الشبكة الدولية فيديو لإعلامي علماني مشهور ، تحدث فيه عن طبيعة الإنسان العربي والمصري خاصة ، وطبيعة الإنسان الغربي والفرنسي خاصة ، وذكر أن الفرنسيين متقدمون جدا ، وأن طبيعة الجنس الأوروبي تختلف تماما عن طبيعة الجنس العربي ، وهذا صحيح ، وبعدها بيومين قابلت أخا مغربيا مقيما بفرنسا ، أكد نفس الكلام ، وقال نفس القول ، وأكد على حسن معاملتهم وأخلاقهم وأن الأمان هناك أكثر ، والسرقة قليلة ...إلخ ، فقلت له لكن المساجد والعبادة ، قال هناك مثل هنا تماما ، فقلت له لكن لاحظ أن هذه الدول وإن كانت متقدمة فإن فيها أمورا عادية يحظره القانون في الدول الإسلامية  ، قال مثل ماذا ؟ قلت مثل الزواج بين كل الديانات ، هناك ممكن مسلم يتزوج نصرانية ، ونصراني يتزوج مسلمة ، وهناك نساء يفعلن هذا للأسف ، قال نعم موجود ، قلت له : مثال آخر تعدد الزوجات هناك ممنوع ، لكن هناك بيوت للبغاء (الزنا) (تعدد العشيقات) قال نعم لها أماكن مخصصة ، فقال أخ آخر : وهنا أيضا موجود ، لكن في الخفاء ، قلت له نعم ، هذا أهم شيء ؛ لانه لو كان في العلانية ويصرح به القانون كما في تونس فتلك مصيبة كبرى ، قال صلى الله عليه وسلم :
ما ظهرت الفاحشة فى قوم قط فعمل بها بينهم علانية إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم . صحيح رواه البيهقي والترمذي وغيرهما .
 ثم قال لي إن الله سبحانه وتعالى خص العرب بآخر الأنبياء ؛ لأن طبيعتهم تحتاج إلى تقويم ، فقلت له تعني أن الإنسان الغربي يمكنه أن يتقدم بلا إسلام ، وأما الإنسان العربي فلا يتقدم إلا بالإسلام قال نعم ، ثم قال كلمة عمر - رضي الله عنه - المشهورة ((نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله)) ، فقلت في نفسي سبحان الله ، إن أراد العرب أن يتقدموا فأمامهم شيء من اثنين إما أن ينظروا إلى أساليب التقدم عند الغرب ويأخذوا بها مع ما يصاحبها من خلل عقائدي وتحلل أخلاقي ، أو أن يأخذوا بأساليب التقدم على النهج الإسلامي ،   وما المانع أن ينظر العرب إلى أسباب التقدم في الإسلام ؟!
إن الإسلام لم يترك شيئا إلا ووضع له حقوقا حتى الحيوانات والحشرات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» . رواه مسلم ، وقد صنف بعض شيوخنا رحمهم الله كتابا سماه حقوق الحيوان في الإسلام ، كيف لا وقد رأينا سورة النمل والنحل والبقرة والفيل ...إلخ ، النساء لهن حقوق في الإسلام ، وله سورتان النساء الصغرى (الطلاق) ، والكبرى (النساء) فضلا عن سورة الأحزاب والنور وما فيهما من أنوار، ذوو الإحتياجات الخاصة وعندنا سورة الأعمى (عبسوالكلام في هذا يطول اسما ومضمونًا ، جملة وتفصيلا أقول نعم الغرب مميزون ، روى الإمام مسلم في صحيحه عن الْمُسْتَوْرِدِ الْقُرَشِيّ أنه قال عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ» فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ، قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ .
وعند العرب أخلاق عظيمة طمست كثير من ملامحها بسبب التقليد الأعمى للمظاهر الغربية الجوفاء ، وهذا مصداق ما أخبر به الحبيب الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم عندما قال : )( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ» . البخاري (4/169) (3456) ، ومسلم (4/2054) (2669).
وفي لفظ عبد الرزاق ((لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)) جامع معمر بن راشد (11/369) (20764)
وفي رواية للبزّار عَن أبي هُرَيرة، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: لا تقوم الساعة حتى تأخذ، أَحسَبُهُ قال: هذه الأمة سنن من كان قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: كما فعلت فارس والروم. (البحر الزخار 15 / 165 – 8518) .
أول أسباب التقدم في الإسلام العمل ، الإسلام يدعو كل البشر للعمل ، قال الله تعالى :
((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)) (105 التوبة)
 حتى الكفار ، في أربعة مواضع من القرآن الكريم ((اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ)) واحدة على لسان سيدنا شعيب صلى الله عليه وسلم : (هود 93)
، وثلاثة أمر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الكافرين على سبيل التهديد وتكون آية محكمة أو بمعنى ترك القتال وتكون منسوخة بآية السيف ، في (135 الأنعام) ، وفي (40 الزمر)  ، وفي سورة هود بكل وضوح ((وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) أي أقيموا على ما أنتم عليه، إن رضيتم بالعذاب، كما قال الزجاج، ثم يقول الله سبحانه : ((وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) (123 هود) .
وعندما جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الهِجْرَةِ، قَالَ له الحبيب صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكَ إِنَّ الهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ (أي ينقصك) مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا» . رواه البخاري (2633) (3/166) ومسلم (1865) (3/1488) .
لا يوجد شيء في الإسلام اسمه البطالة ، هل فكر المسلمون في العمل  شكرا لله - ((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا)) ( 13 سبأ)- كخلية النحل كما قال سبحانه في سورة النحل : ((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (78 النحل) .
واليوم الغرب يقدس العمل ، وأما العرب فللأسف كم منهم اليوم عاطلون عن العمل ؟! لا أقول معطَّلون ، من الذي عطلهم ، هناك أساليب تخرج بها من التراب ذهبا ، والدول العربية غنية بكل أسباب الثراء ، لكنها بطالة العقول ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، وللحديث بقية إن شاء الله ، السلام عليكم .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©