موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 46 - ما صحة أن القرآن نزل كاملا إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ؟



 بسم الله الرحمن الرحيم

س 46  ما صحة أن القرآن نزل كاملا إلى السماء الدنيا في ليلة القدر وأنه نزل بحسب الأحداث بعد ذلك من السماء الدنيا إلى الأرض؟

ج 46 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...                                      
 فقد تعرض لقضية كيفية نزول القرآن عدد من العلماء كالزركشي - (ت 794 هـ) رحمه الله - في البرهان (1 / 228) ، والسيوطي - (ت 911 هـ) رحمه الله - في كتابه الإتقان (1 / 146) ، ونجمل القول بما ذكره الشيخ مناع القطان - (ت 1420 هـ) رحمه الله -  :-         
نزول القرآن جملة :
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} 1.

ويقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 2.

ويقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} 3.
ولا تعارض بين هذه الآيات الثلاث، فالليلة المباركة هي ليلة القدر من شهر رمضان، إنما يتعارض ظاهرها مع الواقع العملي في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث نزل القرآن عليه في ثلاث وعشرين سنة.. وللعلماء في هذا مذهبان أساسيان:
 1- المذهب الأول: وهو الذي قال به ابن عباس وجماعة وعليه جمهور العلماء: أن المراد بنزول القرآن في تلك الآيات الثلاث نزوله جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا تعظيمًا لشأنه عند ملائكته، ثم نزل بعد ذلك مُنَجَّمًا على رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في ثلاث وعشرين سنة1 حسب الوقائع والأحداث منذ بعثته إلى أن توفي صلوات الله وسلامه عليه، حيث أقام في مكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة بعد الهجرة عشر سنوات: فعن ابن عباس قال: "بُعِثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يُوحى إليه، ثم أُمِرَ بالهجرة عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين"2.
وهذا المذهب هو الذي جاءت به الأخبار الصحيحة عن ابن عباس في عدة روايات:
أ- عن ابن عباس قال: "أُنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر. ثم أُنزل بعد ذلك في عشرين سنة, ثم قرأ: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} 3.. {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}  4..
ب- وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "فُصِلَ القرآن من الذكر فوُضِعَ في بيت العزة من السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبي, صلى الله عليه وسلم" 
5.
جـ- وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أُنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، وكان بمواقع النجوم، وكان الله يُنزله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعضه في إثر بعض"6.                                                                                                               د- وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أُنزل القرآن في ليلة القدر في شهر رمضان إلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم أُنزل نُجومًا"7 .  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
 1 وقدَّر بعض العلماء مدة نزول القرآن بعشرين سنة، وبعضهم بخمس وعشرين سنة لاختلافهم في مدة إقامته, صلى الله عليه وسلم -بعد البعثة- بمكة، أكانت ثلاث عشرة سنة، أم عشر سنين، أم خمس عشرة سنة؟ مع اتفاقهم على أن إقامته بالمدينة بعد الهجرة عشر سنوات - والصواب الأول - انظر "الإتقان" جـ1 ص39.

2 رواه البخاري.

3 الفرقان: 33.

4 رواه الحاكم والبيهقي والنَّسائي [والآية من سورة الإسراء: 106] .

5 رواه الحاكم.

6 رواه الحاكم والبيهقي.                                                                                                                                                                                                                                            7 رواه الطبراني.  (مباحث في علوم القرآن 1 / 101 ، 102) قلت (الشرقاوي) : وقد صححه الإمام ابن كثير - (774 هـ) رحمه الله - في (فضائل القرآن 36) ، وأثبته الحافظ ابن حجر - (ت 852 هـ) رحمه الله - في الفتح (1 / 42) ، ومن المعاصرين العلامة الشيخ أحمد شاكر - (ت 1377 هـ) رحمه الله - في عمدة التفسير (1 / 220) ، والعلامة الحويني - حفظه الله - في تحقيق الآثار ، وغيرهم . وأما الأقوال الأخرى في كيفية نزول القرآن فقد ضربنا عنها صفحًا لضعفها ، ومن شاء فليراجعها في المصادر المذكورة ، وبالله التوفيق ، والله أعلم .


الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©