موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 45-هل يجوز نشر مقال أنا يهودي وأفتخر ! ؟



بسم الله الرحمن الرحيم
س 45 من أخت مغربية ، تقول : أود معرفة هل يجوز نشر مثل هذه الاشياء? وهل فعلا اليهود هم وراء كل هذا?  لأني أريد نشره ومتردده. وجزاكم الله خيرا
 أنا يهوديٌّ وأفتخر
-----------------------
مقال نشره اميركيّ!!
كتب فيه:
أنا يهودي وأفتخر !
الحُكم اليوم لنا...
زال مجدكم يا عرب ويامسلمين
أرأيتم ماذا فعلنا بكم بدهاء: ... إلخ

ج 45 :  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ... فلا داعي لنشر أمثال هذه المقالات ؛ لأن هذا المقال - إن صحت نسبته ليهودي - يدعي زوال مجد الأمة ، وهذا ليس صحيحا ، بل الأمة - رغم ما تعانيه - ما تزال بخير ، فالصلوات تقام في أكثر بلدان المسلمين ، ونسبة المهتدين كثيرة ، والحمد لله رب العالمين ، وأما المنحرفون عن الصراط المستقيم ببعض المعاصي فإن في أكثرهم خيرا ، فهم يحبون الدين ويدافعون عنه وقت الأزمات ، ولا نجرد أحدا من هذه الأمة المباركة من الخيرية ، وكما قال صلى الله عليه وسلم : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ" بِالرَّفْعِ أو أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ . (1) ، ومن يطالع تواريخ الأمم يعلم يقينا أنها كالأبدان يعتريها السقم والعلل التي قد تطول أحيانا ، ولكن عندما تتعافى وتبرأ تكون كأحسن ما يكون كأن لم تعي بالأمس ، والحكماء يقولون : "إن كنت ضعيفًا ليس من الحكمة أن تظهر لعدوك مظاهر ضعفك" ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكل أحوال الأمة كما روى مسلم  عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا حَدَّثَ بِهِ» ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ، كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ" . (2)  ، وفي رواية (3) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا صَلاَةَ العَصْرِ بِنَهَارٍ ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَخْبَرَنَا بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ،.. الحديث"  ، وكذا صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم بشريات منها  ما رواه أُبَيِّ بْنُ كَعْبٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ، وَالرِّفْعَةِ، وَالنَّصْرِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمِ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ " . (4) ،  وروى ثَوْبَانَ مولى النبي صلى الله عليه وسلم عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : " إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا "، (5) ،  فالله نسأل أن يفيق عصاة الأمة من غفلتهم ، وأن يهدينا جميعا سبيل الرشاد ، ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) (المنافقون 8) . والله أعلم .
وأما سؤالك هل فعلا اليهود هم وراء كل هذا ؟ فأقول نعم ، ليس اليهود فقط ، بل اليهود والنصارى ، قال الله تعالى : ((وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)) (البقرة 109) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، وَإِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى السَّلَامِ، وَعَلَى آمِينَ" . (6)  ، وفي رواية (7) : "إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ سَئِمُوا دِينَهُمْ، وَهُمْ قَوْمٌ حُسَّدٌ، وَلَمْ يَحْسِدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَفْضَلَ مِنْ ثَلَاثٍ: رَدِّ السَّلَامِ، وَإِقَامَةِ الصُّفُوفِ، وَقَوْلِهِمْ خَلْفَ إِمَامِهِمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ: آمِينَ" . ، ولا ننسى أن كثيرا المسلمين انقادوا خلف آلات الإعلام الماسونية الهدامة فقلدوا اليهود والنصارى تقليدًا أعمى في ملابسهم وعاداتهم وتقاليدهم ، وهذا أيضا أخبر به الحبيب صلى الله عليه وسلم ،  فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ» . (8) ، وفي رواية (9) بإسناد صحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي مَآخِذَ  الْأُمَمَ وَالْقُرُونَ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمَا فَعَلَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ؟ قَالَ: " وَهَلِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ؟ " . ومن خلال ما تقدم يتبين لنا أن للنصر أسبابًا ، منها الاصطباغ بصبغة الإسلام ومخالفة اليهود والنصارى وفارس والروم ، قال الله تعالى : ((صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)) (البقرة 138) ، وأفضل وجوه إعراب "صبغةَ الله" هو البدلية من "ملةَ إبراهيم" كما قال القرطبي (10) . وهو ما نرجحه  ؛ إذ الإسلام عقيدة "ملة" وعبادة "صبغة" ، وبهما تصلح الدنيا والدين ، ويكون النصر على الأعداء  ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ " . (11) . نسأل الله أن يحقق هذا النصر المعهود لأبنائنا وأحفادنا ؛ إنه على كل شيء قدير ، والحمد لله رب العالمين ، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبالله التوفيق ، والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم (2623) (4 / 2024)  .
(2)  مسلم (2891) (4 / 2217) .
(3) الترمذي بسند حسن (2191) (4 /53) . 
(4) حسن رواه أحمد (21221) (35 /146) ، والدينوري في المجالسة (2221) (5 / 539) . 
(5) رواه مسلم (2889) (4 / 2215) . 
(6) صحيح رواه ابن خزيمة (1585) (3 / 38) وغيره ،
(7)  الطبراني في الأوسط (4910) (5 / 146) ، وحسنه المنذري وغيره .
(8) رواه البخاري (3456) (4/ 169) ومسلم (2669) (4 / 2054)  .
(9) لأحمد (8307) (14 / 60 ، 61)  وغيره  . 
(10) في تفسيره (2 / 144) وغيره . 
(11) رواه مسلم (2922) (4 / 2239) .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©