موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 41 - السدل على المذهب المالكي

س41 : من بعض الإخوة : هل سدل اليدين في الصلاة مذهب الشيعة ؟ وكيف يسدل المالكية في الصلاة وقد روى الإمام مالك في الموطأ قبض اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة ؟

ج 41 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فإنه قد ورد في القبض في الصلاة روايتان عن المالكية ؛ فروى الإمام عبد الرحمن بن القاسم العُتَقِي - وهو أنجب تلاميذ مالك (ت 191 هـ) رحمه الله - عن الإمام مالك - (ت 179 هـ) كراهته ، وروي عنه الإمام أشهب بن عبد العزيز - (ت 204 هـ) رحمه الله - :" لا بأس به" (1) .

وأما مسألة رواية مالك في موطأه حديثين في القبض في الصلاة فإن العمل عند المالكية على ما في مدونة سحنون (ت 240 هـ) (2) ، وليس السدل قول مالك وحده بل هو مذهب عبدالله بن الزبير وسعيد بن المسيب وسعيد بن الجبير وعطاء وابن جريج والنخعي والحسن البصري وابن سيرين والباقر وجماعة من الفقهاء ، وهو مذهب الليث بن سعد إلا أنه قال: إلا أن يطيل القيام فيعيا فله القبض ، و خير الامام الأوزاعي بين القبض و السدل (3).
ومن أصول الإمام مالك رحمه الله تقديم عمل أهل المدينة على خبر الواحد ، قال الإمام محمد يحيى الوُلاتِي - (ت 1330 هـ) رحمه الله - :
ثمَّتَ إِجْمَاعٌ وقياسٌ وعمَلْ ... مدينةِ الرسولِ أسخَى من بذَلْ
وقال رجل لمالك يا أبا عبد الله هل عرفت حديث: «البيعان بالخيار»؟ قال : له نعم، وأنت تلعب مع الصبيان في البقيع، وقال له رجل : لم رويت حديث «البيعان بالخيار»في الموطأ ولم تعمل به، قال له مالك: ليعلم الجاهل مثلك أني على علم تركته، وقال له رجل آخر: لم رويته ولم تعمل به؟ قال له مالك: أتعرف قدامة وهي دار مشهورة باللعب واللهو (4) .
، والخلاصة أن الإمام مالك رأى التابعين وتابعيهم يسدلون (5) فأخذ بهذا ؛ لاتصال اقتدائهم بالصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ ومن هنا ذهب كثير من المالكية إلى القول بأن الأشهر في مذهب مالك السدل كما في كتاب "القول الفصل في تأييد سنة السدل" للعلامة الشيخ محمد عابد - مفتي المالكية بمكة ت 1341 هـ رحمه الله - ، و "نصرة الفقيه السالك على من أنكر مشهورية السدل في مذهب مالك" للشيخ محمد بن يوسف الكافي - (ت 1379هـ) رحمه الله - .
وعلى كل الأحوال السدل والقبض من هيئات الصلاة التي إن خولفت لا تبطل الصلاة ، والله أعلم .


(1) للمزيد : http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?pa ge=showfatwa&lang=&Option=FatwaId&Id =2591
(2) "مدونة سَحْنـُون" أصلها أسئلة جمعها القاضي الأمير أسد بن الفرات - (ت 213 هـ) رحمه الله - بعد رجوعه مِنَ العِرَاقِ متفقهًا على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُ أَبِي حَنِيْفَةَ وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيْبَ فِيْهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَأَبَى، وَتَوَرَّعَ فَذَهَبَ بِهَا إِلَى ابْنِ القَاسِمِ فَأَجَابَهُ بِمَا حَفِظَ عَنْ مَالِكٍ، وَبِمَا يَعْلَمُ مِنْ قَوَاعِدِ مَالِكٍ، وَتُسَمَّى هَذِهِ المَسَائِلُ: الأَسَدِيَّةُ. وَحَمَلَ عَنْهُ سُحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ ثُمَّ ارْتَحَلَ سُحْنُوْنُ بِالأَسَدِيَّةِ إِلَى ابْنِ القَاسِمِ وَعَرَضَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ: فِيْهَا أَشْيَاءُ لاَ بُدَّ أَنْ تُغَيَّرَ وَأَجَابَ عَنْ أَمَاكِنَ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بنِ الفُرَاتِ: أَنْ عَارِضْ كُتُبَكَ بِكُتُبِ سُحْنُوْنَ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَعَزَّ عَلَيْهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ القَاسِمِ فَتَأَلَّمَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُبَارِكْ فِي الأَسَدِيَّةِ فَهِيَ مَرْفُوْضَةٌ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ. سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف (8 / 350) .
(3) شرح مسلم للإمام النووي (4 /114, 115) و في المجموع (3 / 311 ، 312) والقاضي عياض في شرحه لمسلم ، م الآبي (2 / 157). و القفال في حلية العلماء (2 / 81 ، 82) ، نيل الاوطار (2 /217) ، وللمزيد تابع :
http://www.ghrib.net/vb/showthread.php?t=173 7&s=08dc4dcd3c0089749ae9896b6ecabe72
(4) قال بعض المالكية: « ومن الدليل قوله تعالى : ((وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته)) « النساء / 130» فإن المراد التفرق بالكلام لا بالجسوم ، «شمس الدين الراعي /انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب مالك / ص: 224 وما بعدها، المسالك: لعياض».
، قال المالكية : "قول مالك هذا ليس مراده به رد البيعين بالخير، إنما أراد بقوله في بقية الحديث وهو قوله: إلا بيع الخيار، فأخبر أن بيع الخيار ليس له حد عندهم لا يتعدى إلا بقدر ما تختبر به السلعة، وذلك يختلف باختلاف المبيعات، فيرجع فيه إلى الاجتهاد والعوائد في البلاد، وأحوال المبيع وما يراد له". للمزيد راجع : http://habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/8577< /a>
(5) كما ذكر العلامة الدكتور أحمد طه الريان مفتي المالكية بمصر - حفظه الله ونفع به - في مجالسه الأزهرية المسجلة ، وقال إن له أكثر من 300 شيخًا من التابعين ، وأكثر من 300 شيخًا من تابعي التابعين ، قلت : ولا شك أنه لم يرو عنهم جميعًا على الأقل في الموطأ ، وقد جمع أسماء بعض شيوخه - الذين ذكرهم في الموطأ - الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن خلفون الأزدي الأندلسي (ت 636 هـ) وترجم لهم في كتابه " أسماء شيوخ مالك بن أنس الأصبحي الإمام" (106) فقط ، كذا دون الإمام أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النَمِري القرطبي المالكي (ت 463 هـ) كتاب "التقصي في معرفه شيوخ مالك بن أنس رضي الله عنه في الموطا وذكر أحاديثه" فكانوا قريبًا من العدد السابق أيضًا .
هذا ، وليست إجابتي انتصارًا ولا تعصبًا للمذهب المالكي فإني كمصري شافعي بالفطرة ولكن مذهبي الذي أرتضيه تتبع الدليل والأخذ بالأرجح عندي ، وإنما أجبت كذلك ؛ لبيان الحق وسعة الخلاف ، وبالله التوفيق .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©