موضوع عشوائي

آخر المواضيع

تنبيهات العلامة الأشموني على ألفية ابن مالك في النحو والصرف مع حواش شرقاوية

بسم الله الرحمن الرحيم
صفحة تنبيهات العلامة
أبي الحسن نور الدين علي بن محمد بن عيسى الأُشْمُوني الشافعي (المتوفى: 900هـ) على ألفية الإمام أبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الْجَيَّاني (المتوفى: 672هـ) رحمهما الله .
يرجى من الإخوة الفضلاء والأخوات الفاضلات تدوين التنبيهات بالترتيب ، وجزاكم الله خيرا .

"بسم الله الرحمن الرحيم"
تنبيهات الإمام الأشموني رحمه الله (باللون الأسود) ، بتحقيق وتعليق الأستاذ حسن حمد (باللون الأخضر) - طبعة دار الكتب العلمية ، رَقَّمَ التنبيهات وذيلها بإعراب الألفية للعلامة محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله وعلق عليها : إسماعيل الشرقاوي (كلام العلامة محيي الدين باللون الأحمر ، وكلام الشرقاوي باللون البنفسجي) .

1- قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ ... أَحْمَدُ رَبِّي اللهَ خَيْرَ مَالِكِ
قال العلامة أبو الحسن نور الدين علي بن محمد بن عيسى الأُشْمُوني الشافعي (المتوفى: 900هـ) رحمه الله 1
:
التنبيه الأول : أوقع الماضي موقع المستقبل تنزيلا لمقوله منزلة ما حصل: إما اكتفاء بالحصول الذهني، أو نظرًا إلى ما قوي عنده من تحقق الحصول وقربه، نحو: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} 1.
وجملة "هو ابن مالك" معترضة بين "قال" ومقوله، لا محل لها من الإعراب، ولفظ "رب" نصب تقديرًا على المفعولية، والياء في موضع الجر بالإضافة، والله نصب بدل من "رب" أو بيان، و"خير" نصب أيضًا بدل أو حال على حد: "دعوت الله سميعًا" وموضع الجملة نصب مفعول لقال، ولفظها خبر، ومعناها الإنشاء، أي: أُنشئ الحمد.
2- مُصَلِّيًا عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ... وَآلِهِ الْمُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا
التنبيه الثاني : أصل "آل": أهل: قلبت الهاء همزة، كما قلبت الهمزة هاء في "هراق" الأصل "أراق" ثم قلبت الهمزة ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها، كما في "آدم"، و"آمن" هذا مذهب سيبويه 2 . وقال الكسائي 3 : أصله "أَوَل" كجمل، من آل يؤول: تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا. وقد صغروه على "أهيل" وهو يشهد للأول، وعلى "أويل" وهو يشهد للثاني: ولا يضاف إلا إلى ذي شرف، بخلاف "أهل"، فلا يقال "آل الإسكاف" ولا ينتقض بـ"آل فرعون" فإن له شرفًا باعتبار الدنيا، واختلف في جواز إضافته إلى المضمر: فمنعه الكسائي والنحاس، وزعم أبو بكر الزبيدي، أنه من لحن العوام، والصحيح جوازه. قال عبد المطلب "من مجزوء الكامل":
1- وانصر على آل الصليـ ... ــب وعابديه اليوم آلك
وفي الحديث: "اللهم صل على محمد وآله" 4.


1 النحل: 1.
1- التخريج: البيت لعبد المطلب بن هشام في الأشباه والنظائر 2/ 207؛ والدرر 5/ 31؛ وبلا نسبة في الممتع في التصريف 1/ 349؛ وهمع الهوامع 2/ 50.
اللغة: انصر: ساعد. آل: أتباع، أصحاب. وآل الصليب: أي: المسيحيون. آلك: أتباعك. المعنى: يطلب الشاعر من ربه أن يحمي المسلمين من أعدائهم.
الإعراب: وانصر: "الواو": حرف عطف، "انصر": فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنت". على آل: جار ومجرور متعلقان بـ"انصر"، وهو مضاف. الصليب: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وعابديه: "الواو": حرف عطف، "عابديه": معطوفة على "آل" مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. اليوم: ظرف زمان منصوب متعلق بـ"انصر". آلك: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف، و"الكاف": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
وجملة "انصر ... ": معطوفة على جملة سابقة.
الشاهد: فيه قوله: "آلك" حيث أضاف كلمة "آل" إلى الضمير، وهذا جائز.

(1) بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فهذه تعليقات مهمة على تنبيهات الإمام الأشموني رحمه الله ، أسأل الله أن ينفع بها طلاب العلم في كل زمان ومكان وأن يجعلها في موازين حسناتنا ، ومن يقوم على هذا الموقع الطيب ، وبالله التوفيق .
هو علي بن محمد بن عيسى، أبو الحسن، نور الدين الأشموني: نحوي، من فقهاء الشافعية.
(ضُبِطَتْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا) (838 - نحو 900 هـ)
أصله من أَشمون (بمصر) ومولده بالقاهرة. ولد فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بنواحي قناطر السبَاع وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو واشتغل من سنة أَربع وَخمسين بعد حُضُوره إملاء شَيخنَا فِيمَا قَالَ فَأخذ فِي الْفِقْه عَن المجلي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والبامي ولازمه كثيرا والنور الْجَوْجَرِيّ وَهُوَ أول شُيُوخه وَكَذَا أَخذ فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية والفرائض وَغَيرهَا عَن جمَاعَة وَمن شُيُوخه فِي ذَلِك وَغَيره الكافياجي وَسيف الدّين التقي الحصني والشارمساحي، وتميز وبرع فِي الْفَضَائِل وتصدى فِي تِلْكَ النواحي للإقراء من سنة أَربع وَسِتِّينَ فَانْتَفع بِهِ الطّلبَة وَحضر بعض ختومه الْعَبَّادِيّ وَالْفَخْر المقسي وجميعها الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي، وتلقن الذّكر من عَليّ حفيد يُوسُف العجمي وَسمع الحَدِيث وَشرح ألفية ابْن مَالك وَقطع من التسهيل ونظمه لجمع الْجَوَامِع ومجموع الكلائي وإيساغوجي فِي الْمنطق وَعمل حَاشِيَة على الْأَنْوَار للأردبيلي وَغَيره، ورد على البقاعي انتقاده قَول الْغَزالِيّ لَيْسَ فِي الْإِمْكَان أبدع مِمَّا كَانَ، وَكنت مِمَّن قرض نظمه لجمع الْجَوَامِع ، ولى القضاة بدمياط. وصنف «شرح ألفية ابن مالك - ط» في النحو، و «نظم المنهاج» في الفقه، و «شرحه» و «نظم جمع الجوامع» و «نظم إيساغوجي» في المنطق. انتفع به طلاب العلم كثيرا ،
كان صوفيا أنكر عليه بعض الأمور السَّخاوي (شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي صاحب فتح المغيث ، قرين السيوطي والأشموني ت 902) ؛ فقال مع ثنائه على علمه : راج أمره هناك ورجح على الجلال ابن الأسيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)) ، مع اشتراكهما في الحمق ! غير أن ذلك أرجح. انظر (الأعلام للزركلي) (10/5) ومراجعه : خطط مبارك 8: 74 والضوء اللامع 6: 5 وكشف الظنون 1: 153 ومعجم المطبوعات 451.
(2) عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه إمام نحاة البصرة ، ولد سنة 148 هـ بفارس (إيران الآن) في إحدى قرى شيراز ، و"سيبويه" تعني بالفارسية رائحة التفاح ، أصل توجهه كان لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تلقى النحو على إمام النحو والعروض بإطلاق الخ ليل بن أحمد الفراهيدي (ت 170 هـ) وبرع في النحو فصنف الكتاب ، ورحل إلى بغداد وناظر الكسائي فيما اشتهر بالمسألة الزُّنبُورية ، وتوفي شابًّا على إثرها في الأهواز أو شيراز سنة 180هـ رحمه الله .
(3) أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بَهْمَنَ بن فيروز الكسائي القارئ إمام نحاة الكوفة ، ولد بالكوفة سنة 119 هـ ، وأخذ القراءة عرضًا عن شيوخ منهم حمزة بن حبيب الزيات أربع مرات ، وعليه اعتماده ، وتلقى النحو على الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 170 هـ) ، وسافر في بادية الحجاز ونجد مدة للعربية ولزم معاذا الْهَرَّاء (نسبةً لبيعه الثياب الهروية الواردة من مدينة هرَاة الواقعة بغرب أفغانستان ت 187 هـ) ، فأصبح مثالا يحتذى به في علمه بفنون اللغة وقواعدها وصنف كتبا في القراءات واللغة ، وبلغ عند هارون الرشيد (ت 193 هـ) منزلة عظيمة ، وأدب ولده الأمين ، ونال جاها وأموالا. ومن أشهر تلاميذه في النحو هشام بن معاوية (ت 209 هـ) ويحيى الفراء (لقب بهذا لأنه كان يفري الكلام أي يصلحه ت 207 هـ) ، وتوفي الكسائي بالرَّيِّ سنة 189 (جنوب شرق إيران الآن) رحمه الله .
(4) واختلف العلماء في تعيين آل البيت على أربعة أقوال :
القول الأول : هم من حرمت عليهم الزكاة (وهذا في مقام الأحكام) وفيهم قولان: الأول : بنو هاشم وبنو المطلب ، وهو مذهب الشافعي وأحمد ورواية عن مالك ، والثاني : بنو هاشم فقط ، القول الثاني : علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهما دون غيرهما (وهم أهل الكساء كما في صحيح مسلم وهذا في مقام المدح) ،
< font face="Traditional Arabic">القول الثالث : إن الآل هم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وذريته ( وهذا في مقام المدح أيضًا) ، القول الرابع : جميع أمة الاستجابة (هذا في مقام الدعاء) نقلا عن العلامة ولد الددو الشنقيطي< /font> والشيخ عثمان الخميس حفظه الله ومن أراد المزيد فليتابع الرابط
http://almanhaj.net/cms/threads/114/
3- وَأَسْتَعِينُ اللهَ فِي أَلْفِيَّهْ ... مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ


التنبيه الثالث : النحو في الاصطلاح هو: العلم لمستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها، قاله صاحب المقرب. فعلم أن المراد هنا بالنحو ما يرادف قولنا: "علم العربية" لا قسيم الصرف. وهو مصدر أريد به اسم المفعول أي: المنحو، كالخلق بمعنى المخلوق. وخصته غلبة الاستعمال بهذا العلم، وإن كان كل علم منحوًا، أي: مقصودًا، كما خصت الفقه بعلم الأحكام الشرعية الفرعية وإن كان كل علم فقهًا، أي: مفقوهًا، أي: مفهومًا. وجاء في اللغة لمعان خمسة: القصد، يقال: نحوت نحوك، أي: قصدت قصدك، والمثل، نحو: مررت برجل نحوك، أي:
مثلك، والجهة، نحو: توجهت نحو البيت، أي: جهة البيت، والمقدار، نحو: له عندي نحو ألف، أي: مقدار ألف، والقسم، نحو: هذا على أربعة أنحاء أي: أقسام، وسبب تسمية هذا العلم بذلك ما روي أن عليًا رضي الله تعالى عنه لما أشار على أبي الأسود الدؤلي أن يضعه وعلمه الاسم والفعل والحرف وشيئًا من الإعراب قال: "انح هذا النحو يا أبا الأسود".


4- تُقَرِّبُ الْأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزِ ... وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ


التنبيه الرابع : قال الجوهري: أوعد -عند الإطلاق- يكون للشر، ووعد للخير، وأنشد "من الطويل":
2- وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي 5


2- التخريج: البيت لعامر بن الطفيل في ديوانه ص58؛ ولبعض الطائيين في الجنى الداني ص434؛ وبلا نسبة في الدرر 4/ 246؛ وهمع الهوامع 2/ 44.
اللغة: أوعد: هدد، وعد بالشر، وعده بالأمر: تعهد له بأن يبلغه إياه. أخلف الوعد: لم ينجز ما وعد به. أنجز: أتم.
المعنى: يعبر الشاعر عن مكارم أخلاقه فيقول: إنه إذا توعد أحدا شرا أخلف، وإذا وعده خيرا وفى بوعده.
الإعراب: وإني: "الواو": بحسب ما قبلها، "إني": حرف مشبه بالفعل، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب اسم "إن". وإن: "الواو": حالية، "إن": حرف زائد. أوعدته: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به. أو: حرف عطف. وعدته: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به. لمخلف: "اللام": حرف توكيد، "مخلف": خبر "إن" مرفوع بالضمة. إيعادي: مفعول به لـ"مخلف" منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. ومنجز موعدي: تعرب إعراب "مخلف إيعادي".
وجملة: "إني لمخلف" بحسب ما قبلها. وجملة: "إن أوعدته ... " حالية. وجملة: "وعدته" معطوفة على جملة "أوعدته".
الشاهد: فيه مجيء "أوعد" عند إطلاقه للشر، ومجيء "وعد" عند إطلاقه للخير. فالشاعر يفتخر بنفسه, فيقول: إنه إذا توعد غيره أن ينزل به شرا خلف بوعده، وهذا الخلف محمدة، أما إذا وعده خيرا وفى بوعده.
1 الأنعام: 92، 155.

(5) قلت : وهذا البيت يرفع الإيهام في فهم قول الله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)) (النساء 93)
، والخلاصة : إن كان قاتل المؤمن كافرًا فهو معاقب بالعقوبات الخمس من باب الوعد ، قال الله تعالى : ((وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)) (التوبة 68) ، وأما إن كان القاتل مسلمًا وكتب الله له الموت على التوحيد فلا ينال العقوبات الخمس كاملة بحال من الأحوال ، بل قد ينال بعضها من باب الوعيد ، قال الله تعالى : ((أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ)) (السجدة 18) . ومن أراد المزيد فليتابع الرابط :
http://zdnyilma.com/vb/index.php?page=topic& amp;amp;show=1&id=599#3839

5- وَتَقْتَضِي رِضًا بِغَيْرِ سُخْطِ ... فَائِقَةً أَلْفِيَّةَ ابْنِ مُعْطِي

التنبيه الخامس : يجوز في "فائقة" النصب على الحال من فاعل "تقتضي"، والرفع خبرًا لمبتدأ محذوف، والجر نعتًا لألفية، على حد {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} 1 في النعت بالمفرد بعد النعت بالجملة، والغالب العكس، وأوجبه بعضهم.

6- وَهْوَ بِسَبْقٍ حَائِزٌ تَفْضِيلَا ... مُسْتَوْجِبٌ ثَنَائِيَ الْجَمِيلَا
7- وَاللهُ يَقْضِي بهِبَاتٍ وَافِرَه ... لِي وَلَهُ فِي دَرَجَاتِ الْآخِرَه


التنبيه السادس : وصف "هبات" وهو جمع بـ"وافرة" وهو مفرد لتأوله بجماعة، وإن كان الأفصح وافرات؛ لأن هبات جمع قلة، والأفصح في جمع القلة مما لا يعقل وفي جمع العاقل مطلقا المطابقة، نحو: "الأجذاع انكسرن، ومنكسرات، والهندات والهنود انطلقن، ومنطلقات" والأفصح في جمع الكثرة مما لا يعقل الإفراد نحو: "الجذوع انكسرت، ومنكسرة".

خاتمة: بدأ بنفسه لحديث "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه"، رواه أبو داود، وقال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} 1 وعن موسى عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي} 2، وكان الأحسن أن يقول رحمه الله تعالى:
والله يقضي بالرضا والرحمه ... لي وله ولجميع الأمه
لما عرفت، ولأن التعميم مطلوب.

1 إبراهيم: 41؛ ونوح: 28.
2 الأعراف: 151.



قال العلامة الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد رحمه الله 6 :
" قال " فعل ماض " محمد " فاعل " هو " مبتدأ " ابن " خبره " مالك " مضاف إليه، وكان حق " ابن " أن يكون نعتا لمحمد، ولكنه قطعه عنه، وجعله خبرا لضميره، والاصل أن ذلك إنما يجوز إذا كان المنعوت معلوما بدون النعت حقيقة أو ادعاء،كما أن الأصل أنه إذا قطع النعت عن إتباعه لمنعوته في إعرابه ينظر، فإن كان النعت لمدح أو ذم وجب حذف العامل، وإن كان لغير ذلك جاز حذف العامل وذكره، والجملة هنا وهي قوله هو ابن مالك ليست للمدح ولا للذم، بل هي للبيان، فيجوز ذكر العامل وهو المبتدأ، وإذا فلا غبار على عبارة الناظم حيث ذكر العامل وهو المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الاعراب معترضة بين القول وقوله " أحمد " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " ربي " رب منصوب على التعظيم، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال آخر الكلمة بحركة المناسبة، ورب مضاف وياء المتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " الله " عطف بيان لرب، أو بدل منه، منصوب بالفتحة الظاهرة " خير " منصوب بعامل محذوف وجوبا تقديره أمدح، وقيل: حال لازمة، وخير مضاف و" مالك " مضاف إليه، والجملة من أحمد وفاعله وما تعلق به من المعمولات في محل نصب مفعول به لقال ويقال لها: مقول القول.
" مصليا " حال مقدرة، ومعنى كونها مقدرة أنها تحدث فيما بعد، وذلك لأنه لا يصلى على النبي صلوات الله عليه في وقت حمده لله، وإنما تقع منه الصلاة بعد الانتهاء من الحمد، وصاحبها الضمير المستتر وجوبا في أحمد " على النبي " جار ومجرور متعلق بالحال " المصطفى " نعت للنبي، وهو مجرور بكسرة مقدرة على الالف منع من ظهورها التعذر " وآله " الواو عاطفة، آل: معطوف على النبي، وآل مضاف، والهاء مضاف إليه، مبني على الكسر في محل جر " المستكملين " نعت لآل، مجرور بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها، لانه جمع مذكر سالم، وفيه ضمير مستتر هو فاعله " الشرفا " بفتح الشين: مفعول به للمستكملين، منصوب بالفتحة الظاهرة، والالف للاطلاق، أو بضم الشين نعت ثان للآل، مجرور بكسرة مقدرة على الالف، إذ هو مقصور من الممدود - وأصله " الشرفاء " جمع شريف ككرماء وظرفاء وعلماء في جمع كريم وظريف وعليم - وعلى هذا الوجه يكون مفعول قوله المستكملين محذوفا، وكأنه قد قال: مصليا على الرسول المصطفى وعلى آله المستكملين أنواع الفضائل الشرفاء.
" وأستعين " الواو حرف عطف، أستعين: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " الله " منصوب على التعظيم، والجملة من الفعل وفاعله وما تعلق به من المعمولات في محل نصب معطوفة على الجملة السابقة الواقعة مفعولا به لقال " في ألفيه " جار ومجرور متعلق بأستعين " مقاصد " مبتدأ، ومقاصد مضاف و" النحو " مضاف إليه " بها " جار ومجرور متعلق بمحوية " محويه " خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل جر نعت أول لالفية.
" تقرب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ألفية " الاقصى " مفعول به لتقرب " بلفظ " جار ومجرور متعلق بتقرب " موجز " نعت للفظ " وتبسط " الواو حرف عطف، تبسط: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ألفية أيضا " البذل " مفعول به لتبسط " بوعد " جار ومجرور متعلق بتبسط " منجز " نعت لوعد، وجملتا الفعلين المضارعين اللذين هما " تقرب " و" تبذل " مع فاعليهما الضميرين المستترين وما يتعلق بكل منهما في محل جر عطف على الجملة الواقعة نعتا لالفية، والجملتان نعتان ثان وثالث لالفية.
" وتقتضي " الواو حرف عطف، تقتضي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ألفية " رضا " مفعول به لتقتضي " بغير " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لرضا، وغير مضاف و" سخط " مضاف إليه " فائقة " حال من الضمير المستتر في تقتضي، وفاعل فائقة ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي " ألفية " مفعول به لاسم الفاعل، وألفية مضاف و" ابن " مضاف إليه، وابن مضاف و" معط " مضاف إليه، وجملة " تقتضي " مع فاعله وما تعلق به من المعمولات في محل جر عطف على الجملة الواقعة نعتا لالفية أيضا.
" وهو " الواو للاستئناف، وهو: ضمير منفصل مبتدأ " بسبق " جار ومجرور متعلق بحائز الآتي بعد، والباء للسببية " حائز " خبر المبتدأ " تفضيلا " مفعول به لحائز، وفاعله ضمير مستتر فيه " مستوجب " خبر ثان لهو، وفاعله ضمير مستتر فيه " ثنائي " ثناء: مفعول به لمستوجب، وثناء مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " الجميلا " نعت لثناء، والالف للاطلاق.
" والله " الواو للاستئناف، ولفظ الجلالة مبتدأ " يقضي " فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الله، والجملة من الفعل الذي هو يقضي والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ " بهبات " جار ومجرور متعلق بيقضي " وافره " نعت لهبات " لي، وله، في درجات " كل واحد منهن جار ومجرور وكلهن متعلقات بيقضي، ودرجات مضاف و" الاخرة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وسكنه لاجل الوقوف، وكان من حق المسلمين عليه أن يعمهم بالدعاء، ليكون ذلك أقرب إلى الاجابة.
تنبيه: ابن معط هو الشيخ زين الدين، أبو الحسين، يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور - الزواوي نسبة إلى زواوة، وهي قبيلة كبيرة كانت تسكن بظاهر بجاية من أعمال إفريقيا الشمالية - الفقيه الحنفي.
ولد في سنة 564، وأقرأ العربية مدة بمصر ودمشق، وروى عن القاسم بن عساكر وغيره، وهو أجل تلامذة الجزولي، وكان من المتفردين بعلم العربية، وهو صاحب الالفية المشهورة وغيرها من الكتب الممتعة، وقد طبعت ألفيته في أوربا،

وللعلماء عليها عدة شروح.
وتوفى في شهر ذي القعدة من سنة 628 بمصر، وقبره قريب من تربة الامام الشافعي رضي الله عنهم جميعا (انظر ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد 5 / 129، وفي بغية الوعاة للسيوطي ص 416، وانظر النجوم الزاهرة 6 / 278.

(6) قال العلامة محمد علي النجار : "قيل في الإمام الطبري (محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآمُلِي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) : إنه كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه، وكالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو؛ لبراعته وتعمقه في كل هذه العلوم، فصار كالجامعة لكنها تسعى على قدمين، وكذلك كان العلامة محمد محيي الدين عبد الحميد " ؛ لكثرة ما ألفه وأخرجه من الكتب في هذه الفنون، ولقد أتى على الأزهر حين من الدهر وجل ما يُدرس في معاهده من تأليف الشيخ الجليل أو من إخراجه وتحقيقه .
ويكفي الشيخ فخرًا أنه عالج معظم كتب النحو المتداولة بين طلبة العلم وذوي الاختصاص اللغوي العميق، لتيسير دراستها وتذليل قراءتها بالشروح والتعليقات، بدءًا بالآجرومية وهو متن للنحو للمبتدئين، وانتهاءً بشرح الأشموني للألفية وشرح ابن يعيش للمفصل، ويندر أن تجد أحدًا من دارسي العربية في العالم لم يتتلمذ على كتب الشيخ محيي الدين في اللغة والنحو أو يستفد منها .
ولد الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في قرية كفر الحمام بمحافظة الشرقية سنة 1318 هـ / 1900 م، ونشأ في كنف والده العالم الأزهري الشيخ عبد الحميد إبراهيم الذي كان من رجال القضاء والقتيا، فدفع به إلى من يحفظه القرآن ويعلمه مبادئ القراءة والكتابة، حتى إذا انتهى من ذلك التحق بمعهد دمياط الديني حين كان والده قاضيًا بفارسكور ودمياط، ثم انتقل إلى معهد القاهرة لما انتقل والده لتقلد منصب المفتي لوزارة الأوقاف، وظل بالأزهر حتى حصل على شهادة العالمية النظامية مع أول فرقة دراسية تنال هذه الدرجة وفق طريقة دراسية منتظمة، وذلك في سنة 1344هـ = 1925.عمل بالسودان أربع سنوات أستاذًا للشريعة الإسلامية، وانتقل من تدريس النحو والصرف إلى دراسة المواريث وأحكام الأسرة، ولم يكتف ذلك، بل وضع كتابين جيدين في الأحوال الشخصية وأحكام المواريث، ولا يزالان يعدان من المراجع الوافية في بابهما، ظل الشيخ محمد محيي الدين منكبًا على عمله في تحقيق كتب التراث لا يعوقه مرض أو مسئوليات منصب، أو عضوية المجامع عن مواصلة طريقه حتى لقي الله في 25 ذو القعدة 1392هـ الموافق 30 ديسمبر 1972، تاركًا هذا الإنتاج الخصب الذي لا تزال تنتفع بما فيه الأجيال، ويتعجب الإنسان كيف اتسع عمره لإخراج هذا العدد من الكتب المتنوعة في التخصص، الكثيرة في العدد، المختلفة في الأحجام، ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء. (نقلا عن الموسوعة الحرة وانظر ترجمته الوافية للعلامة محمد علي النجار عضو مجمع اللغة العربية من مقدمة شرح قطر الندى لابن هشام ت 761 هـ) .

الْكَلَامُ وَمَا يَتَأَلَّفُ مِنْهُ :
8- كَلَامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْ ... وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ
9- وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالْقَوْلُ عَمّ ... وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُؤَمّ


تنبيهات (السابع والثامن والتاسع والعاشر) : الأول: اللفظ مصدر أريد به اسم المفعول، أي: الملفوظ به، كالخلق بمعنى المخلوق.
الثاني: يجوز في قوله "كاستقم" أن يكون تمثيلا وهو الظاهر، فإنه اقتصر في شرح الكافية على ذلك في حد الكلام، ولم يذكر التركيب والقصد نظرا إلى أن الإفادة تستلزمهما، لكنه في التسهيل صرح بهما وزاد فقال: الكلام ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته، فزاد "لذاته" قال: لإخراج نحو: "قام أبوه" من قولك: "جاءني الذي قام أبوه" وهذا الصنيع أولى، لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام، ومن ثم جعل الشارح قوله "كاستقم" تتميما للحد.
الثالث: إنما بدأ بتعريف الكلام لأنه المقصود بالذات، إذ به يقع التفاهم.
الرابع: إنما قال: "وما يتألف منه" ولم يقل "وما يتركب" لأن التأليف كما قيل أخص؛ إذ هو تركيب وزيادة، وهي وقوع الألفة بين الجزأين.

التنبيه الحادي عشر : ثم في قوله "ثم حرف" بمعنى الواو، إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام، ويكفي في الإشعار بانحطاط درجة الحرف عن قسيميه ترتيب الناظم لها في الذكر على حسب ترتيبها في الشرف ووقوعه طرفا.

التنبيه الثاني عشر : قد عرفت أن القول على الصحيح أخص من اللفظ مطلقًا، فكان من حقه أن يأخذه جنسًا في تعريف الكلام كما فعل في الكافية، لأنه أقرب من اللفظ، ولعله إنما عدل عنه لما شاع من استعماله في الرأي والاعتقاد حتى صار كأنه حقيقة عرفية، واللفظ ليس كذلك.

التنبيه الثالث عشر : "قد" في قوله "قد يؤم" للتقليل، ومراده التقليل النسبي، أي: استعمال الكلمة في الجمل قليل بالنسبة إلى استعمالها في المفرد، لا قليل في نفسه؛ فإنه كثير.


قال العلامة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله :
" الكلام " خبر لمبتدأ محذوف على تقدير مضافين، وأصل نظم الكلام " هذا باب شرح الكلام وشرح ما يتألف الكلام منه " فحذف المبتدأ - وهو اسم الاشارة - ثم حذف الخبر وهو الباب، فأقيم " شرح " مقامه، فارتفع ارتفاعه، ثم حذف " شرح " أيضا وأقيم " الكلام " مقامه، فارتفع كما كان الذي قبله " وما " الواو عاطفة و" ما " اسم موصول معطوف على الكلام بتقدير مضاف: أي شرح ما يتألف، و" يتألف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الكلام، و" منه " جار ومجرور متعلق بيتألف، والجملة من الفعل الذي هو يتألف والفاعل لا محل لها من الاعراب صلة الموصول.
" كلامنا " كلام: مبتدأ، وهو مضاف ونا مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر " لفظ " خبر المبتدأ " مفيد " نعت للفظ، وليس خبرا ثانيا " كاستقم " إن كان مثالا فهو جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كاستقم وإن كان من تمام تعريف الكلام فهو جار ومجرور أيضا متعلق بمحذوف نعت لمفيد " واسم " خبر مقدم " وفعل، ثم حرف " معطوفان عليه الاول بالواو والثاني بثم " الكلم " مبتدأ مؤخر، وكأنه قال: كلام النحاة هو اللفظ الموصوف بوصفين أحدهما الافادة والثاني التركيب المماثل لتركيب استقم، والكلم ثلاثة أنواع أحدها الاسم وثانيها الفعل وثالثها الحرف، وإنما عطف الفعل على الاسم بالواو لقرب منزلته منه حيث يدل كل منهما على معنى في نفسه، وعطف الحرف بثم لبعد رتبته.
" واحده كلمة " مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة لا محل لها من الاعراب " والقول " مبتدأ " عم " يجوز أن يكون فعلا ماضيا، وعلى هذا يكون فاعله ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره هو يعود إلى القول، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون " عم " اسم تفضيل - وأصله أعم - حذفت همزته كما حذفت من خير وشر لكثرة استعمالهما وأصلهما أخير وأشر، بدليل مجيئهما على الاصل أحيانا، كما في قول الراجز:
بلال خير الناس وابن الأخير وقد قرئ (سيعلمون غدا من الكذاب الأَشَرُّ) بفتح الشين وتشديد الراء، وعلى هذا يكون أصل " عم " أعم كما قلنا، وهو على هذا الوجه خبر للمبتدأ " وكلمة " مبتدأ أول " بها " جار ومجرور متعلق بيؤم الآتي " كلام " مبتدأ ثان " قد " حرف تقليل " يؤم " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على كلام، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول، ومعنى " يؤم " يقصد، وتقدير البيت: ولفظ كلمة معنى الكلام قد يقصد بها، يعني أن لفظ الكلمة قد يطلق ويقصد بها المعنى الذي يدل عليه لفظ الكلام، ومثال ذلك ما ذكر الشارح من == أنهم قالوا " كلمة الاخلاص " وقالوا " كلمة التوحيد " وأرادوا بذينك قولنا: " لا إله إلا الله " وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: " أفضل كلمة قالها شاعر كلمة لبيد " وهو يريد قصيدة لبيد بن ربيعة العامري التي أولها: ألا كل شئ ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل .


10- بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ ... وَمُسْنَدٍ لِلِاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ
التنبيه الرابع عشر : حمل الشارح لفظ "مسند" في النظم على إسناد؛ فقال: ومسند أي إسناد إليه، فأقام اسم المفعول مقام المصدر وحذف صلته اعتمادا على التوقيف؛ ولا حاجة إلى هذا التكلف؛ فإن تركه على ظاهره كاف، أي: من علامات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند فتكون هي مسندا إليها، ولا يسند إلا إلى الاسم. وأما "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"2 فـ"تسمع" منسبك مع "أن" المحذوفة بمصدر، والأصل: "أن تسمع" أي: سماعك،


2 هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في أمثال العرب ص55؛ وتمثال الأمثال 1/ 395؛ وجمهرة الأمثال 1/ 266؛ وجمهرة اللغة في ص665؛ وخزانة الأدب 1/ 312، 2/ 14، 5/ 364، 8/ 556، 576، 579، 581، 9/ 172، 144، 11/ 246؛ وزهر الأكم 3/ 176؛ والعقد الفريد 2/ 288، 3/ 93؛ والفاخر ص65؛ وفصل المقال ص135، 136؛ وكتاب الأمثال ص97؛ ولسان العرب 13/ 63 "بين"، 14/ 172 "دنا"؛ ومجمع الأمثال 1/ 119؛ والوسيط في الأمثال ص83.
والمعيدي: تصغير معدي على غير قياس. وروي في قصة هذا المثل أن رجلا من بني تميم كان يغير على مسالح النعمان بن المنذر حتى إذا عيل صبر النعمان كتب إليه أن ادخل في طاعتي ولك مئة من الإبل، فقبلها وأتاه، فلما نظر إليه ازدراه، وكان ضمرة ذميما، فقال النعمان هذا المثل. يضرب لمن خَبَرُه خير من مَرْآته .


وأما قولهم: "زعموا مطية الكذب"1 فعلى إرادة اللفظ 6 ، مثل "من حرف جر"، و"ضرب فعل ماض" فكل من "زعموا" و"من"، و"ضرب" اسم للفظ مبتدأ وما بعده خبر.
"لِلاسْمِ تَمْييزٌ" عن قسيميه "حَصَلْ" تمييز: مبتدأ، والجملة بعده صفة له، وللاسم: خبر، وبالجر: متعلق بحصل. وقدم معمول الصفة على الموصوف الممنوع اختيارا للضرورة، وسهلها كونه جارا ومجرورا، وإنما ميزت هذه الخمسة الاسم لأنها خواص له: أما الجر فلأن المجرور مخبر عنه في المعنى، ولا يخبر إلا عن الاسم؛ وأما التنوين فلأن معانيه الأربعة لا تتأتى في غير الاسم؛ وأما النداء فلأن المنادى مفعول به والمفعول به لا يكون إلا اسما؛ وأما "أل" فلأن أصل معناه التعريف، وهو لا يكون إلا للاسم؛ وأما المسند فلأن المسند إليه لا يكون إلا اسما.

التنبيه الخامس عشر : لا يشترط لتمييز هذه العلامات وجودها بالفعل. بل يكفي أن يكون في الكلمة صلاحية لقبولها.

1 هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في زهر الأكم 3/ 138؛ ولسان العرب 12/ 267 "زعم".
(6) قلت : وقد صح عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» . صحيح رواه أبو داود (4972) (4/294) وأحمد (17075) (308/28) وغيرهما .

قال العلامة محمد أشرف آبادي رحمه الله : ((فِي النِّهَايَةِ الزَّعْمُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ قَرِيبٌ مِنَ الظَّنِّ أَيْ أَسْوَأُ عَادَةٍ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذَ لَفْظَ زَعَمُوا مَرْكَبًا إِلَى مَقَاصِدِهِ فَيُخْبِرَ عَنْ أَمْرٍ تَقْلِيدًا مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ فَيُخْطِئَ وَيُجَرَّبَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ قَالَهُ الْمَنَاوِيُّ
وَفِي اللُّمَعَاتِ يَعْنِي أَنَّ مَا زَعَمُوا بِئْسَ مَطِيَّتُهُ يَجْعَلُ الْمُتَكَلِّمَ مُقَدِّمَةَ كَلَامِهِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِخَبَرٍ مَبْنَاهُ عَلَى الشَّكِّ وَالتَّخْمِينِ دُوْنَ الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ قَبِيحٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِخَبَرِهِ سَنَدٌ وَثُبُوتٌ وَيَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ ذَلِكَ لَا مُجَرَّدَ حِكَايَةٍ عَلَى ظَنٍّ وَحُسْبَانٍ وَفِي الْمَثَلِ زَعَمُوا مَطِيَّةَ الْكَذِبِ انْتَهَى)) (عون المعبود 13 / 214 ، 215) .

وقال ابن فارس رحمه الله :
(زَعَمَ) الزَّاءُ وَالْعَيْنُ وَالْمِيمُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ مِنْ غَيْرِ صِحَّةٍ وَلَا يَقِينٍ، وَالْآخَرُ التَّكَفُّلُ بِالشَّيْءِ. فَالْأَوَّلُ الزَّعْمُ وَالزُّعْمُ. وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى غَيْرِ صِحَّةٍ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] . وَقَالَ الشَّاعِرُ:
زَعَمَتْ غُدَانَةُ أَنَّ فِيهَا سَيِّدًا ... ضَخْمًا يُوَارِيهِ جَنَاحُ الْجُنْدَُبِ
وَمِنَ الْبَابِ: زَعَمَ فِي غَيْرِ مَزْعَمٍ، أَيْ طَمِعَ فِي غَيْرِ مَطْمَعٍ. قَالَ:
زَعْمًا لَعَمْرُ أَبِيكِ لَيْسَ بِمَزْعَمِ
وَمِنَ الْبَابِ الزَّعُومُ، وَهِيَ الْجَزُورُ الَّتِي يُشَكُّ فِي سِمَنِهَا فَتُغْبَطُ بِالْأَيْدِي. وَالتَّزَعُّمُ: الْكَذِبُ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: زَعَمَ بِالشَّيْءِ، إِذَا كَفَلَ بِهِ. قَالَ:
تُعَاتِبُنِي فِي الرِّزْقِ عِرْسِي وَإِنَّمَا ... عَلَى اللَّهِ أَرْزَاقُ الْعِبَادِ كَمَا زَعَمْ
أَيْ كَمَا كَفَلَ. وَمِنَ الْبَابِ الزَّعَامَةُ، وَهِيَ السِّيَادَةُ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ يَزْعُمُ بِالْأُمُورِ،
أَيْ يَتَكَفَّلُ بِهَا. وَأَصْدَقُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] . وَيُقَالُ الزَّعَامَةُ حَظُّ السَّيِّدِ مِنَ الْمَغْنَمِ، وَيُقَالُ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ الْمَالِ. قَالَ لَبِيَدٌ:
تَطِيرُ عَدَائِدُ الْإِشْرَاكِ وَِتْرًا ... وَشَفْعًا وَالزَّعَامَةُ لِلْغُلَامِ . ا هـ (مقاييس اللغة 3/ 10 ، 11) .
قلت فالحديث السابق ذَامٌ للزعم على المعنى الأول ، وورد في الحديث ما يفيد المعنى الثاني للزعم ، ألا وهو التكفل والضمان ، قال صلى الله عليه وسلم :
«أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ» . حسن رواه أبو داود (4800) (4/253) والطبراني في الأوسط (878) (1/269) وغيرهما . والله أعلم .

قال العلامة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله :
" بالجر " جار ومجرور متعلق بقوله " حصل " الآتي آخر البيت، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف خبر مقدم مبتدؤه المؤخر هو قوله " تمييز " الآتي " والتنوين، والندا، وأل، ومسند " كلهن معطوفات على قوله الجر " للاسم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم إن جعلت قوله بالجر متعلقا بحصل، فإن جعلت بالجر خبرا مقدما - وهو الوجه الثاني - كان هذا متعلقا بحصل " تمييز " مبتدأ مؤخر، وقد عرفت أن خبره واحد = من اثنين " حصل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تمييز، والجملة في محل رفع نعت لتمييز، وتقدير البيت: التمييز الحاصل بالجر والتنوين والندا وأل والاسناد كائن للاسم، أو التمييز الحاصل للاسم عن أخويه الفعل والحرف كائن بالجر والتنوين والنداء وأل والاسناد: أي كائن بكل واحد من هذه الخمسة.
 
 

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©