موضوع عشوائي

آخر المواضيع

الردود العلمية 2-ثلاثية في الرد على الطائفة الشيطانية (المسمَّوْن بالقرآنيين) (الكلمة الأولى) .

بسم الله الرحمن الرحيم
2- ثلاثية في الرد على الطائفة الشيطانية (المسمَّوْن بالقرآنيين) (الكلمة الأولى) .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فلقد سمعت كثيرا عن طائفة سمت نفسها القرآنيين ، يقولون نكتفي بالقرآن فقط ، وينكرون السنة كلها أو ما يخالف عقلهم القاصر فقط ، وبالتالي ردوا السنة الصحيحة كلها أو أكثرها ، وفي بداية ذكر هؤلاء أذكر من سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم إعجازًا غيبيا عن ظهور هذه الطائفة الضالة ، فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، أَلَا وَلَا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ، فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُمْ " . صحيح رواه أحمد في المسند (28 / 410) (17173) وأبو داود في سننه (4 / 200) (4604) وغيرهما .
قال الشيخ الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله : (قوله أوتيت الكتاب ومثله معه يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما أن يكون معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو، ويحتمل أن يكون معناه أنه أوتي الكتاب وحياً يتلى، وأوتي من البيان أي أذن له أن يبين ما في الكتاب ويعم ويخص وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن.
وقوله يوشك شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فإنه يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضُمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، والأريكة السرير، ويقال أنه لا يسمى أريكة حتى يكون في حجلة وإنما أراد بهذه الصفة أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم ولم يغدوا ولم يروحوا في طلبه في مظانه واقتباسه من أهله.
وأما قوله لا تحل لقطة معاهد إلاّ أن يستغني عنها صاحبها فمعناه إلاّ أن يتركها صاحبها لمن أخذها استغناء عنها وهذا كقوله سبحانه {فكفروا وتولوا واستغنى الله} [التغابن: 6] معناه والله أعلم تركهم الله استغناء عنهم وهو الغني الحميد.
وقوله فله أن يعقبهم بمثل قراه معناه له أن يأخذ من مالهم قدر قراه عوضاً وعقبى مما حرموه من القرى. وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاماً ويخاف على نفسه التلف، وقد ثبت ذلك في كتاب الزكاة أو في غيره من هذا الكتاب.
وفى الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حجه بنفسه، وأما ما رواه بعضهم أنه قال إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه وإن خالفه فدعوه فإنه حديث باطل لا أصل له. وقد حكى زكريا بن يحيى الساجي عن يحيى بن معين أنه قال هذا حديث وضعته الزنادقة) . معالم السنن (4/299)
، ومن هؤلاء – منكرو السنة - للأسف ابنٌ لفضيلة العلامة – شيخ شيوخنا – عبد اللطيف مشتهري رحمه الله ، وسبحان من يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، ومن خلال تتبعي لدراسة هؤلاء وأصل تفكيرهم يقوم على ثلاثة أمور :-
أولا : الجهل ، هؤلاء القوم من أجهل الناس بالعلوم الشرعية والعربية ، وينكرون أصول العلوم الشرعية ؛ حتى إن بعضهم ليلحن في قراءة الآية ، ويعرض عن تفسيرها الصحيح لهوى في نفسه ، عندما ناقش فضيلة الدكتور مبروك عطية حفظه الله ذلك العدنان في إنكار الثاني وجود نص في القرآن في عدم خلود عصاة الموحدين في النار ، وقال الدكتور مبروك الآية القرآنية في أهل الجنة : ((لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ)) (48 الحجر) ، ومفهوم المخالفة أن بعض من يدخلون النار يخرجون منها ، أعرض الرفاعي عن العلم ، ذكر له الدكتور مبروك قول الله تعالى : ((لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)) (123 النساء) ووضح له أن من وقع في ذنب يعاقب على قدر هذا الذنب فقط ، وأن الشرك أعظم الذنوب ، ولهذا يستوجب الخلود في النار ، أعرض الرفاعي عن كلام الله معه وضوح تفسيره مع قوة الحجة ووضوح الدليل ، والذي يثير العجب ويستدعي الدهشة كيف يسمح لهؤلاء مع جهالة عقولهم واضمحلال ثقافتهم الشرعية أن يجالسوا علماء أفاضل من الأزهر الشريف أو غيره ، أرى أن هذا يثبت للعالمين أنه لا تكافؤ في الحوار ، وأن هذا يرفع من شأن هؤلاء الذين أفضل شيء في التعامل معهم أن يتركوا هملا ولا يرفع لهم صوت لئلا يغتر بهم الجهلاء من العوام ؛ ليستبيحوا بقولهم كثيرا من المحرمات لعدم ورود تحريمها صراحة في القرآن الكريم فضلا عن الاستهانة بكثير من الفرائض التي ذكرت في السنة فقط ، والله المستعان .
ثانيًا : الكبر ، هؤلاء القوم ليسوا متخصصين ولم يشموا رائحة العلم ؛ وبالتالي لا يقدِّرون العلماء المتخصصين قديما وحديثا ، والجاهلون لأهل العلم أعداء ، وشتان بينهما ، أيستوي الثرى والثريا ؟!
وعندما يؤلف واحد منهم كتابا يضع فيه هذه الخرافات ، يظن أنه قد فعل المستحيل وأن له فتوحات ربانية (أو كما نقول في العامية : أتى بالذيب من ذيله) ، وفي واقع الأمر ما هي إلا أفكار شيطانية يضل بها الشيطان أولياءه ، ثم ينفخ الشيطان فيهم فيجعلهم يتكبرون عن قبول الحق ويحتقرون العلماء ، وهذا وربي هو الكبر كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : «الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» . رواه مسلم ، قال الله تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) (56 غافر) .
ثالثًا : التعالم أي ادعاء العلم دون بلوغ أسبابه ، وقد دوّن شيخ شيوخنا العلامة بكر أبو زيد رحمه الله كتابا في هذا الباب ، ويلاحظ على هؤلاء القوم ادعاء العلم ، والنظر السطحي للنصوص القرآنية مما يجحف بالمعاني الصحيحة ثم يقول لك قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، فإن جئته بالبرهان يقول لا ، أنا أريد نصا صريحا رغم أن النص صريح جدا ، لكنه الهوى والعمى والعياذ بالله .
ولقد كلمني أخي في هذا الأمر منذ فترة وأعطاني كتب هذا الجاهل المدعو بعدنان الرفاعي ، وعزمت على الرد على كتبه كتابا كتابا ، ولكن لكثرة المشاغل تأخرت في هذا الأمر ، ولعله خير ، ويشاء الله تعالى – ودون ترتيب مني - أن أشاهد بعض التسجيلات المرئية للقائه ببعض علماء الأزهر ، فتبين لي الجهل الفادح الذي استحوذ على هذا الرجل ، والرد على هؤلاء باستفاضة نوع من تضييع الوقت ؛ لأنهم لا يعرفون أبجديات العلم ، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله : لو ناقشت ألف عالم لغلبتهم ، ولو ناقشني جاهل واحد لغلبني ، أقول يكفينا في الرد على هؤلاء ثلاث كلمات :
الكلمة الأولى : القرآن والسنة وحيان محفوظان .
القرآن كلام الله ، المنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، بوساطة الوحي – روح القدس – منجما في شكل آيات ، وسور خلال فترة الرسالة (ثلاث وعشرين سنة) مبدوءًا بفاتحة الكتاب ، مختوما بسورة الناس ، منقولا بالتواتر المطلق ، برهانا معجزا على صدق رسالة الإسلام ، (تعريف د/عبد الصبور شاهين رحمه الله من كتاب حديث عن القرآن ص 15) ،
وقال الإمام ابن الجزري في شروط قبول القراءة القرآنية :-
فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِ ... وَكَانَ ِللرَّسْمِ احْتِمَالاً يَحْوِي
وَصَحَّ إسْناداً هُوَ الْقُرآنُ ... فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَرْكَانُ
وحَيثُماَ يَخْتَلُّ رُكْنٌ أَثْبِتِ ... شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ

ومن خلال هذا التعريف السابق ندرك كيف نقل القرآن ، وإذا نظرنا إلى الحديث الصحيح ، وهو وحي أيضًا (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم .
وشروط صحة الحديث هي (اتصال الإسناد ، عدم الشذوذ ، عدم العلة ، عدالة الرواة ، ضبط الرواة)
كما قال البيقوني رحمه الله :

أوَّلُها الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصل ... إسْنَادُهُ وَلَمْ يَشُذَّ أَوْ يُعَلْ
يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِه ... مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِه

ونلاحظ العنصر المتفق عليه بين القرآن والحديث الصحيح ، وهو اتصال الإسناد ، فمن الذي نقل القرآن والسنة ؟ الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان إلى أن وصل إلينا ، وفي النهاية نقول : من يطعن في السنة فإنه يطعن في القرآن لأن كليهما وحي ، وهذا ما يدعونا للإنكار على الشيعة لرفضهم السنة ، وسأطرح بعض الأسئلة ، وبإجابات هذه الأسئلة سيتضح للقارئ الكريم حفظ الله تعالى لسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، السؤال الأول : كيف حفظ الله تعالى القرآن الكريم ؟
روى الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في صحيحه حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الوَحْيَ - قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ فِي المَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ لِعُمَرَ: «كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟» فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لاَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، وَلاَ نَتَّهِمُكَ، «كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ: «كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ، وَالعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِمَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا القُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَاللَّيْثُ [ص:72]، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَقَالَ مُوسَى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ، وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ: مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ . رواه البخاري (6/71) (4679) ، (6/183) (4986) وفي آخره " فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ،
السؤال الثاني : كيف حفظت السنة ؟

حفظت السنة في عصر الحبيب صلى الله عليه وسلم من خلال مجموعة من الصحابة الحفاظ ، الذين عمدوا إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله وتقريراته وصفاته الخَلْقِيّة والْخُلُقِيّة ، فحفظ بعضهم في الصدور غيبًا ، وحفظ بعضهم في السطور كتابةً ، ومنهم المقل والمكثر ، (وَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا أَبُو هُرَيْرَةَ) رَوَى خَمْسَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَسَبْعِينَ حَدِيثًا.
اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ مِنْهَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِثَلَاثَةٍ وَتِسْعِينَ، وَمُسْلِمٌ بِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَثَمَانِينَ.
وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ، وَهُوَ أَحْفَظُ الصَّحَابَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ، أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ".

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ فِي جِنَازَتِهِ وَيَقُولُ: كَانَ يَحْفَظُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا أَنْسَاهُ، قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ. فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ» .

وَفِي " الْمُسْتَدْرَكِ «عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَآخَرُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: ادْعُوا فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي وَأَمَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى "؛ فَأَمَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ: سَبَقَكُمَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» .

(ثُمَّ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عُمَرَ) رَوَى أَلْفَيْ حَدِيثٍ وَسِتَّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا.
(وَابْنُ عَبَّاسٍ) رَوَى أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا.
(وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) رَوَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا.
(وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) رَوَى أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَسِتًّا وَثَمَانِينَ حَدِيثًا.
(وَعَائِشَةُ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَوَتْ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَعَشَرَةً.
وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يَزِيدُ حَدِيثُهُ عَلَى أَلْفٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ؛ فَإِنَّهُ رَوَى أَلْفًا وَمِائَةً وَسَبْعِينَ حَدِيثًا. في تدريب الراوي (2/675 : 677) .

اشتهر عند المحدثين أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه من المقلين في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رغم أنه أول من آمن من الرجال ، وهو أفضل الصحابة على الإطلاق ، ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ، وما طلعت الشمس ولا غربت على رجل – بعد الأنبياء – أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ومع ذلك لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اثنين وأربعين ومائة حديث كما حقق ذلك الإمام السيوطي رحمه الله في تدريب الراوي (2/677) فقال : (السَّبَبُ فِي قِلَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ تَقْدِيمِهِ وَسَبْقِهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ قَبْلَ انْتِشَارِ الْحَدِيثِ، وَاعْتِنَاءِ النَّاسِ بِسَمَاعِهِ ، وَتَحْصِيلِهِ وَحِفْظِهِ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ – الإمام النووي- فِي تَهْذِيبِهِ) اهـ .
إذن متى بدأ جمع الحديث ؟ يستدل منكرو السنة بما ثبت في صحيح مسلم أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ ، وَحَدِّثُوا عَنِّي، وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ - قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسِبُهُ قَالَ - مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " . رواه مسلم (4/2298) (3004) قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله في حاشيته على الحديث القاضي : كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثيرون منهم وأجازها أكثرهم ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي فقيل هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه كحديث «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ» . رواه البخاري (3/125) (2434) ومسلم (2/988) (1355) وحديث صحيفة علي رضي الله عنه وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات وحديث كتاب الصدقة ونصب الزكاة الذي بعث به أبو بكر رضي الله عنه أنسا رضي الله عنه حين وجهه إلى البحرين وحديث أبي هريرة أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب وغير ذلك من الأحاديث وقيل إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما أمن ذلك أذن في الكتابة وقيل إنما نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ .
نقول بدأ تدوين الحديث كما سبق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من خلال بعض الصحابة ، لكنه لم يكن جمعا منهجيا منظما لكل السنة فكان المحفوظ غيبا أكثر من المكتوب غالبا ، حتى جاء عصر التابعين وزادت الفتن وكثر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشرع عمر بن عبد العزيز في جمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر ابن شهاب الزهري ، كما قال الإمام السيوطي رحمه الله في ألفيته :
أَوَّلُ جامِعِ الحديثِ والأَثَرْ ... اِبْنُ شِهابٍ آمِرًا لَهُ عُمَرْ
قال العلامة الأثيوبي رحمه الله : (ابن شهاب) الزهري محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة.
(آمراً له) حال من ابن شهاب، وفي نسخة آمم بالرفع مبتدأ خبره عمر
والجملة في محل نصب حال من ابن شهاب، أو مستأنفة، أي الآمر لابن شهاب بجمع الأحاديث (عمر) بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أحدالخلفاء الراشدين، المتوفى في رجب سنة إحدى ومائة، وله أربعون سنة.
سوى ستة أشهر - رحمه الله -.

والمراد بالتدوين المذكور هو التدوين الرسمي بحيث يكون مجموعاًمرتباً، وإلا فقد كان يكتب في الرِّقاع والعظام من لدن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - . (إسعاف ذي الوطر (1/37))
وكتب عمر بن عبد العزيز أيضا إلى بعض أمراء الأمصار كما في الصحيح تعليقًا : (وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وَذَهَابَ العُلَمَاءِ، وَلاَ تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم: «وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا» حَدَّثَنَا العَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: بِذَلِكَ، يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، إِلَى قَوْلِهِ: ذَهَابَ العُلَمَاءِ) . صحيح البخارى (1/31) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : (قَوْلُهُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حزم هُوَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيٌّ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَلِجَدِّهِ عَمْرٌو صُحْبَةٌ وَلِأَبِيهِ مُحَمَّدٌ رُؤْيَةٌ وَأَبُو بَكْرٍ تَابِعِيٌّ فَقِيهٌ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى إِمْرَةِ الْمَدِينَةِ وَقَضَائِهَا وَلِهَذَا كَتَبَ إِلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ سِوَى أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ وَاسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ قَوْلُهُ انْظُرْ مَا كَانَ أَيِ اجْمَعِ الَّذِي تَجِدُ وَوَقَعَ هُنَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ عِنْدَكَ أَيْ فِي بَلَدِكِ قَوْلُهُ فَاكْتُبْهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ ابْتِدَاءُ تَدْوِينِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْحِفْظِ فَلَمَّا خَافَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى مِنْ ذَهَابِ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ رَأَى أَنَّ فِي تَدْوِينِهِ ضَبْطًا لَهُ وَإِبْقَاءً وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِلَفْظِ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِسُكُونِهَا وَكَسْرِهَا مَعًا فِي وَلْيُفْشُوا وَلْيَجْلِسُوا قَوْلُهُ حَتَّى يُعَلَّمَ هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يُعْلَمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ قَوْلُهُ يَهْلِكُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ . (1/ 194 ، 195) .
وروى أبو نعيم الأصبهاني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ: «انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ وَاحْفَظُوهُ؛ فَإِنِّي أَخَافُ دُرُوسَ الْعِلْمِ، وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ» . (تاريخ أصبهان 1/366) .
، وها هو الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري رحمه الله يقول في مقدمة صحيحه بَابُ في أَنَّ الْإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمةحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ» حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ " حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: لَقِيتُ طَاوُسًا فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ كَيْتَ وَكَيْتَ، قَالَ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا، فَخُذْ عَنْهُ»
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيَّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: قُلْتُ لِطَاوُسٍ: إِنَّ فُلَانًا حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا، فَخُذْ عَنْهُ»
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مِائَةً، كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ، مَا يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: «لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الثِّقَاتُ»
- قال - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ» وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي رِزْمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ، يَقُولُ: «بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْقَوَائِمُ» يَعْنِي الْإِسْنَادَ وقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عِيسَى الطَّالْقَانِيَّ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ «إِنَّ مِنَ الْبِرِّ بَعْدَ الْبِرِّ أَنْ تُصَلِّيَ لِأَبَوَيْكَ مَعَ صَلَاتِكَ، وَتَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِكَ» . قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ قَالَ؟ قُلْتُ: عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ قَالَ؟ " قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّ بَيْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفَاوِزَ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْمَطِيِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ اخْتِلَافٌ . مقدمة صحيح مسلم (1/14 : 16) .
، ومن هنا يتضح للقارئ الكريم تدليس منكري السنة على العوام ، وادعاؤهم أن التاريخ اعتراه التشويه ، وهي كلمة حق أريد بها باطل ، لأن تشويه التاريخ كان من خلال الطوائف الكاذبة لأغراض وضيعة كالمال أو رفع سلطان طائفة على أخرى ...إلخ أو أغراض رفيعة كلَفْت الأنظار للسور القرآنية أو رفعة شأن بعض الصحابة ...إلخ ، ولم يؤثر ذلك في حفظ السنة الصحيحة بل والمكذوبة لسبب ، وهو أن علماء الجرح والتعديل وقفوا بالمرصاد للكذابين والضعفاء ، ولم يقبلوا حديثا من أحد إلا بشروط ، وحفظهم غيابا – نظرا لتفرغهم لهذا الشأن – كان أوسع وأكثر وأشد من حفظ السطور ، وعانوا من أجل حفظهم الحديث الأمرين ، سواء من الأمراء المخالفين لهم أم من غيرهم من الكاذبين ، ومن أجل هذا وضعوا شروطا لقبول الحديث ، سبق ذكرها ، (اتصال الإسناد ، عدم الشذوذ ، عدم العلة ، عدالة الرواة ، ضبط الرواة) .
إن هذا لعلم اختصت به هذه الأمة ، علم الجرح والتعديل ، وأصله من القرآن الكريم :

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) (6 الحجرات)
وكان الصحابة يتثبتون من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ: اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا، فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى، فَفَرَغَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ، قِيلَ: قَدْ رَجَعَ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: «كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ» ، فَقَالَ: تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلَّا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، فَذَهَبَ بِأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فَقَالَ عُمَرُ: أَخَفِيَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ يَعْنِي الخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ . رواه البخاري (3/55) (2062) ، ومسلم (3/1694) (2153) .
ما هو الذِّكْرِ ؟
للأسف لم ينتبه منكرو السنة إلى المعنى اللغوي لكلمة ذكر ، فالذكر لغة هو عكس النسيان ، ذَكَرْتُ الشَّيْءَ، خِلَافُ نَسِيتُهُ. ثُمَّ حُمِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ. (وتقول) : ذكرت الشيء بلساني وقلبي ذكراً، وَيَقُولُونَ: اجْعَلْهُ مِنْكَ عَلَى ذُكْرٍ، بِضَمِّ الذَّالِ، أَيْ لَا تَنْسَهُ. وَالذِّكْرُ:الْعَلَاءُ وَالشَّرَفُ. وَهُوَ قِيَاسُ الْأَصْلِ. وَيُقَالُ رَجُلٌ ذَكِرٌ وَذِكِّيرٌ، أَيْ جَيِّدُ الذِّكْرِ شَهْمٌ. (بتصرف من مجمل اللغة لابن فارس 1/360 ، ومقاييس اللغة 2/359) .
وأما من حيث الاصطلاح القرآني - والقرآن له روائعه وخصائصه - قال العلامة أبو الفداء إسماعيل حقي الإستانبولي :
في تفسير قوله تعالى (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) يشير الى القسم بالقرآن الذي هو مخصوص بالذكر وذلك لان القرآن قانون معالجات القلوب المريضة وأعظم مرض القلب نسيان الله تعالى كما قال (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) وأعظم علاج مرض النسيان بالذكر كما قال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ولان العلاج بالضد وبقوله (بَلِ الَّذِينَ) إلخ يشير الى انحراف مزاج قلوب الكفار بمرض نسيان الله من اللين والسلامة الى الغلظة والقساوة ومن التواضع الى التكبر ومن الوفاق الى الخلاف ومن الوصلة الى الفرقة ومن المحبة الى العداوة ومن مطالعة الآيات إلى الإعراض عن البحث في الأدلة والسَّيْر للشواهد" . روح البيان (8/3) .
ثم إن تأملت في آيات القرآن الكريم ، لوجدتها بروعتها وتألقها ، بمحكمها ومتشابهها تأخذ بالعقول وتنبهها ؛ ولهذا كان أشد الناس ذكرا وذاكرة هم حفاظ القرآن ، وفي الأثر (مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ مَتَّعَهُ اللهُ بِعَقْلِهِ حَتَّى يَمُوتَ) وإن كان ضعيفًا أو موضوعًا (السلسلة الضعيفة (1/440) (271) ) إلا إن الواقع يصدقه ، ولا نعرف أحدا من حفاظ القرآن فقد ذاكرته قبل موته ، بل عرفنا من شيوخنا حفظهم الله من جاوز الثمانين وما زال يصحح كابن العشرين ، ومنهم من مات وهو يقرئ الناس القرآن ويصحح لهم ، نسأل الله أن يمتعنا بعقولنا حتى نلقاه .

ثم نقول وكذلك السنة ذكر لأنها تذكر في كل صباح ومساء ؛ لاتصالها كليًا بالعقيدة والعبادة والمعاملة والآداب ، وهذه بعض النصوص الدالة على ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
عن جابر رضي الله عنه قال : " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» . رواه مسلم (2/943) (1297) ، وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ» . رواه مسلم (3/1316) (1690) ، وقال أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي..
» . صحيح رواه الشافعي في مسنده (1/55) ، والبخاري (1/128) (631) ، وغيرهما. إن تأملنا هذه النصوص جيدا أدركنا معنى قوله تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم :
((وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)) (4الشرح)

ومن هنا نقول إن كلمة (الذِّكْرَ) في القرآن الكريم لها أكثر من معنى ، وذلك حسب سياقها الذي وردت فيه ، فمثلا
1- الذِّكْر بمعنى الرسول صلى الله عليه وسلم ، في قول الله تعالى (( فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)) (10 ، 11 الطلاق)
قال العلامة أبو الفداء إسماعيل حقي الإستانبولي :
"ذِكْراً هو النبي عليه السلام كما بينه بأن أبدل منه قوله رَسُولًا وعبر عنه بالذكر لمواظبته على تلاوة القرآن او تبليغه والتذكير به وعبر عن إرساله بالإنزال بطريق الترشيح أي للتجوز فيه عليه السلام بالذكر او لأنه مسبب عن إنزال الوحى اليه يعنى ان رسول الله شبه بالذكر الذي هو القرآن لشدة ملابسته به فأطلق عليه اسم المشبه به استعارة تصريحية وقرن به ما يلائم المستعار منه وهو الانزال ترشيحا لها او مجازا مرسلا من قبيل اطلاق اسم السبب على المسبب فان إنزال الوحى اليه عليه السلام سبب لإرساله ". روح البيان (10/41) .
2- الشرف ، كما في قول الله تعالى :((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)) (44الزخرف) .
قوله تعالى: وَإِنَّهُ يعني القرآن لَذِكْرٌ لَكَ أي شَرَفٌ لَكَ بما أعطاكَ اللهُ وَلِقَوْمِكَ في قومه ثلاثة أقوال: أحدها: العرب قاطبة. والثاني: قريش. والثالث: جميع من آمن به.
وقد روى الضحاك عن ابن عباس أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إِذا سئل: لِمَنْ هذا الأمرُ من بعدك؟

لم يُخْبِر بشيء، حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل قال: «لقريش» وهذا يدلّ على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فَهِم من هذا أنه يَلِي على المسلمين بحُكْم النًّبوَّة وشَرَفِ القرآن، وأن قومه يَخْلُفونه من بعده في الوِلاية لشرف القرآن الذي أُنزلَ على رجُلٍ منهم. ومذهب مجاهد أن القوم هاهنا: العرب، والقرآن شَرَفٌ لهم إِذْ أُنزلَ بلُغتهم.
قال ابن قتيبة: إنما وُضع الذِّكر موضعَ الشَّرَف لأن الشَّريف يُذْكَر. (زاد المسير لابن الجوزي (4/79) ) .
وأقول : غير إن الأصح والأظهر والله أعلم أن هاء الكناية في قوله تعالى
((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)) (44الزخرف) ترجع إلى الوحي عمومًا ، وهو القرآن والسنة الصحيحة ، وهذا ظاهر جدا لمن تدبر الآية السابقة لهذه الآية ، قال تعالى : ((فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) (43الزخرف) ثم قال سبحانه : ((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)) (44الزخرف) .
3- القرآن والسنة من منطق آية الأحزاب .
قال الله تعالى :((وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)) (34 الأحزاب) . وَاذْكُرْنَ فيه قولان: أحدهما: أنه تذكير لهنَّ بالنِّعَم. والثاني: أنه أمرٌ لهنَّ بحفظ ذلك. فمعنى «واذكُرْنَ» : واحفَظْن ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ يعني القرآن. وفي الحكمة قولان: أحدهما: أنها السُّنَّة ، كما قال قتادة ، وهو تفسير صحيح صريح ، والثاني: الأمر والنّهي ، وبه قال قتادة أيضا (زاد المسير 3/464) ، وهو متضمن للسنة لأن القرآن آمر باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته في كثير من آياته .
4- الوحي ، قال الله عز وجل (( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ )) (5 الزخرف)
عن قتادة، في قوله: (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا) قال: لو أن هذه الأمة لم يؤمنوا لضرب عنهم الذكر صفحا، قال: الذكر ما أنزل عليهم مما أمرهم الله به . تفسير الطبري (21/ 568) .
وكذا في قول الله تعالى عن ثمود أنهم قالوا ((أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا)) (25القمر) .
قال الإمام الطبري رحمه الله يعنون بذلك: أنزل الوحي وخصّ بالنبوّة من بيننا وهو واحد منا، إنكارا منهم أن يكون الله يُرسل رسولا من بني آدم." تفسير الطبري (22/590) .
، وقد بين الله تعالى في كتابه أن المقصود بالاتباع الوحي عموما فقال سبحانه :
(( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)) (3 الأعراف)
، وهذا ما يدفعنا لأن نقول بكل قوة ويقين إن الذكر المقصود في آية الحجر ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) (9 الحجر) لهو الوحي ، أي القرآن والسنة ، وذلك لوضوح المعنى من سياق الآيات وسباقها ولحاقها ؛ فسياق الآيات يتحدث عن سنة الله الغالبة من إرسال الرسل والأنبياء لإقامة الحجة على العباد ، وماذا كان جواب المنذرين وما عاقبة التكذيب ، وأما سِباق الآية فإنه يتحدث عن طعن المشركين في أنبياء الله واتهامهم بالجنون ((وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)) (6 الحجر)، ولن تجد لسنة الله تبديلا ،((مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ))(43 فصلت) وما طعن المشركون في الأنبياء إلا لأنهم صارحوهم بأنهم قد اختصهم الله بالوحي ، ولأن المشركين يريدون أن يتحول الغيب إلى شهادة ، وهذا من فرط جهلهم ، ((لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ)) (8 الحجر) ، وأما لحاق الآية فإنه يتحدث عن إرسال الله للأنبياء في الأمم السابقة من بداية الخليقة (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) (10الحجر) . وشِيَعِ جمع شيعة، وهي الفرقة التابعة لرأس ما: مذهب أو رجل أو نحوه وهي مأخوذة من قولهم: شيعت النار: إذا استدمت وقدها بحطب أو غيره، فكأن الشيعة تصل أمر رأسها وتظهره وتمده بمعونة. كما قال ابن عطية في تفسيره (3/352)،
ثم قال سبحانه ((وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ)) (13) (نَسْلُكُهُ) أي ندخله ، والضمير فيه يعود على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الشِّرك، قاله ابن عباس، والحسن، وابن زيد. والثاني: أنه الاستهزاء، قاله قتادة. والثالث: التكذيب، قاله ابن جريج، والفرّاء. (زاد المسير لابن الجوزي 2/525) ، وقال ابن عطية ويحتمل أن يكون الضمير في نَسْلُكُهُ عائدا على الذكر المحفوظ . (تفسير ابن عطية (3/353)) ، وهو ما نقول به ونؤكده ، أي إن بعض الكافرين بالوحي يحفظون منه حتى يستشهدوا به ، ويضربوا بعضه ببعض ، ويصدوا عنه ويكذبوا به ، ويرزقون من خلال ذلك كما قال الله سبحانه((وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)) (82 الواقعة) ،
ومن السنة ما يؤكد هذا المعنى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«إِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ» . رواه البخاري (4/72)(3062) . وهذا واقع عجيب ؛ فإن جحافل الشرك في العالم قدمت وما زالت تقدم للإسلام سواء كان عن طريق السلب أو الإيجاب ، فقد قدموا في مجال التقنيات الحديثة الكثير ، والذي إن قسنا معه ما قدمه المسلمون في هذا المجال لارتد إلينا بصرنا وهو حسير ، وما من دولة غربية إلا وأنشأت مراكز وأقساما في الجامعات الغربية للدراسات الإسلامية ، فضلا عن حملاتهم التشويهية للإسلام والمسلمين ؛ مما يدفع الجهلاء من تلك الشعوب إلى التعرف على أنوار الوحي ؛ ليسلموا بفضل الله رب العالمين .
ما هو المحفوظ بقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (9) ؟
قال العلامة ابن الجوزي رحمه الله :ي هاء «له» قولان: أحدهما: أنها ترجع إِلى الذِّكْر، قاله الأكثرون. قال قتادة: أنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إِبليس أن يزيد فيه باطلا، ولا ينقص منه حقاً. والثاني: أنها ترجع إِلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ من الشياطين والأعداء، لقولهم: «إِنك لمجنون» ، هذا قول ابن السائب، ومقاتل " (زاد المسير لابن الجوزي 2/525) ،
، فعلى القول الأول الذكر أي الوحي بألفاظه ومعانيه محفوظ وهو القرآن الكريم ، والوحي بمعانيه الإلهية وبألفاظه النبوية محفوظ أيضا وهو سنة الحبيب ، ألم تر إلى قول الله تعالى ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)) (سورة النجم) ،
وقوله عليه السلام (أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ) صحيح رواه أحمد 28/ 410 - 411) (17174) ، والطبراني في مسند الشاميين (2/137) (1061) ، وغيرهما .
وأما معنى القول الثاني : فإن الله تعالى يحفظ نبيه صلى الله عليه وسلم في حياته ؛ بأن يأذن له بتبليغ الوحي في حياته بنفسه صلى الله عليه وسلم ، وبعد موته عن طريق أتباعه ، اللهم اجعلنا منهم . عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: " أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا " . رواه البخاري (3/66) (2125) ، فإن الله بعث سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيًا وهاديا ، وبعث أتباعه مبلِّغين وميسرين ومبصرين ، قال الله تعالى ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) (108 يوسف) ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» . رواه البخاري (1/54) (220) .
وكما حفظ الله حبيبه صلى الله عليه وسلم ؛ ليبلغ رسالاته فقال ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) (67 المائدة) وتأمل قوله ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)) ، وقوله موصولا (( بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) أي ما دمت تبلغ رسالات الله فإن الله عاصمك من القتل ، فإن تم البلاغ واكتمل الدين وتمت النعمة ، رفعت العصمة فجاء الموت شهادة ، وهذا ما وقع فعلا ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» زَادَ: فَأَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّةً سَمَّتْهَا فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَأَكَلَ الْقَوْمُ فَقَالَ: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ» فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ «مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْتِ؟» قَالَتْ: إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ الَّذِي صَنَعْتُ، وَإِنْ كُنْتَ مَلِكًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَتْ، ثُمَّ قَالَ: فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ «مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي» صحيح رواه أبو داود (4/174) (4512) ، والطبراني في الكبير (19/221) (493) ، وغيرهما وبعضه في البخاري (4/99) (3169) ، (6/9) (4428) .
ذلك مع الفرق الزمني الشاسع بين تناول الحبيب صلى الله عليه وسلم السم في غزوة خيبر في العام السابع من الهجرة ، وموته صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة من الهجرة ، ألا أن السم لم يؤثر فيه طوال هذه الفترة ، وكأن مفعول السم توقف بأمر الله حتى يتم البلاغ ويكتمل الدين ، والله أعلم ، ونقول أيضا كتب الله سبحانه العصمة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم مجتمعة - لا متفرقة - مبلّغين ومبشرين ومنذرين وصادعين بالحق ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي - أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ" . صحيح واه الترمذي (4/466) (2167) ، والحاكم في المستدرك (1/200) (395) ، وغيرهما ، ويقول الله تعالى : ((وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)) ( الأعراف : 181) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلْفٍ عُدُولُهُ , يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ , وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ » . صحيح رواه البزار(9422) (16/247)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3884) (10/17) . وغيرهما ، والله أعلم . تمت الكلمة الأولى من الثلاثية . والحمد لله رب العالمين ، وصلّ اللهم وسلِّم وبارك على البدر المنير والسراج المنير سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©