موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية (11 : 20)

س 11 : سألت أخت من المغرب تقول : أرجو منك شرح هذا الحديث ؛ قال عليه الصلاة والسلام " الصَّومُ في الشِّتاءِ الغَنيمةُ الباردةُ" .
ج 11
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ...

فنقول بتوفيق الله سبحانه : أولا تخريج الحديث ودرجة صحته :
هذا الحديث ورد بلفظين «الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ» بتقديم الصوم ، وورد بالعكس «الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» ، وقد حسنه العلامة الألباني رحمه الله في الجامع الصغير ، قال رحمه الله :
3868 - «الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة» .
(حسن) [حم ع طب هق] عن عامر بن مسعود [طس عد هب] عن أنس. (عد هب) عن جابر. صحيح الجامع الصغير وزيادته (718 / 2)
وقال رحمه الله في السلسلة الصحيحة :
1922 - " الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ".
رواه أحمد (4 / 335) وأبو عبيد في " الغريب " (95 / 2) والسري بن يحيى في " حديث الثوري " (204 / 1) وابن أبي الدنيا في " التهجد " (2 / 60 / 2) وأبو العباس الأصم في " جزء من حديثه " (192 / 2 مجموع 24) عن أبي إسحاق عن نمير بن عريب عن عامر بن مسعود مرفوعا. وكذا رواه الضياء المقدسي في "المختارة " (45 - 46) وفي " الأحاديث والحكايات " (13 / 169 / 1) وابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 181 / 2) والقضاعي (13 / 1) والبيهقي في " السنن " (4 / 496) .
قلت: وهذا سند ضعيف، نمير هذا قال الذهبي: " لا يعرف ". قلت: وأخرجه ابن أبي الدنيا في " التهجد " (2 / 54 / 1) : أخبرنا علي بن محمد قال: أخبرنا أسد قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن شيخ من قريش يقال له عامر بن مسعود مرفوعا به، وزاد: " أما ليله فطويل وأما نهاره فقصير ". ورواه ابن عساكر (14 / 359 / 1) من طريق أخرى عن إسرائيل به وقال: " كذا
جاء في هذه الرواية، وقد أسقط من إسناده نمير بن عريب بين أبي إسحاق وبين عامر ". ثم ساقه من طريق أحمد عن أبي إسحاق عن نمير عن عامر به. وله شاهد أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص - 148 رقم - 69 - الروض) وابن عدي (177 /
1) وابن عساكر (2 / 111 / 1) عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس مرفوعا. وقال الأولان: " لم يروه عن قتادة إلا سعيد تفرد به الوليد " . قلت (الألباني) : هو ثقة ولكنه يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن إسناده. وسعيد بن بشير
ضعيف. وله شاهد آخر، رواه ابن عدي (149 / 1) عن عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير عن ابن المنكدر عن جابر مرفوعا. قلت (الألباني) : وعبد الوهاب هذا كذاب كما قال أبو حاتم. وبالجملة فالحديث بالشاهد عن
أنس حسن. والله أعلم. وله شاهد آخر من رواية دراج عن الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ: " الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه ". وهذا إسناد فيه ضعف أخرجه أحمد وغيره وهو مخرج في " الروض النضير " تحت حديث أنس المتقدم آنفا. السلسلة الصحيحة (554/4 ، 555 ، 556) .
ثانيا : معنى الحديث .
"الغنيمة الباردة" قال العراقي: " هذا مثل من أمثال النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد ذكر في الأمثال أبو الشيخ بن حيان ، وأبو عروبة الحراني وغيرهما: الصوم في الشتاء شبهه بها بجامع أنَّ كلاً منهما حصول نفع بلا جهد ومشقة، والغنيمة الباردة، هي التي تحصل بلا حرب شديد، ولا مشقة، ويعبرون عن شدة الحرب بكونها حميت، ومنه "الآن حمي الوطيس" . (قوت المغتذي 277 ، 278/ 1 ) .
قال الملا القاري في مرقاة المفاتيح :
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» ") لِوُجُودِ الثَّوَابِ بِلَا تَعَبٍ كَثِيرٍ، وَفِي الْفَائِقِ: الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ هِيَ الَّتِي تَجِيءُ عَفْوًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصْطَلَى دُونَهَا بِنَارِ الْحَرِّ وَيُبَاشَرَ حَرُّ الْقِتَالِ فِي الْبِلَادِ، وَقِيلَ: هِيَ الْهَيْئَةُ الطَّيِّبَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَيْشِ الْبَارِدِ، وَالْأَصْلُ فِي وُقُوعِ الْبَرْدِ عِبَارَةٌ عَنِ الطِّيبِ، وَالْهَنَاةُ أَنَّ الْمَاءَ وَالْهَوَاءَ لَمَّا كَانَ طِيبُهُمَا بِبَرْدِهِمَا خُصُوصًا فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ قِيلَ: مَاءٌ بَارِدٌ وَهَوَاءٌ بَارِدٌ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِطَابَةِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ: عَيْشٌ بَارِدٌ وَغَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ، وَبَرَدَ أَمَرُنَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالتَّرْكِيبُ مِنْ قَلْبِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ كَالْغَنِيمَةِ الْبَارِدَةِ وَفِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ، أَنْ يُلْحَقَ النَّاقِصُ بِالْكَامِلِ، كَمَا يُقَالُ: زِيدٌ كَالْأَسَدِ، فَإِذَا عُكِسَ وَقِيلَ: الْأَسَدُ كَزَيْدٍ، يُجْعَلُ الْأَصْلُ كَالْفَرْعِ، وَالْفَرْعُ كَالْأَصْلِ يَبْلُغُ التَّشْبِيهُ إِلَى الدَّرَجَةِ الْقُصْوَى فِي الْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّائِمَ يَحُوزُ الْأَجْرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ حَرُّ الْعَطَشِ أَوْ يُصِيبَهُ أَلَمُ الْجُوعِ مِنْ طُولِ الْيَوْمِ اهـ فَجُعِلَ الْحَدِيثُ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَحْذُوفَ الْأَدَاةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْجُمْلَةَ مُرَكَّبَةٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ الْمُفِيدَةَ لِلْحَصْرِ لِتَعْرِيفِ جُزْئَيْهَا، فَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ الْبَارِدَةَ هِيَ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ، وَقَدْ جَاءَ مُسْنَدُ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا " «الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ» "، وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ: " قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ، وَطَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ "، (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَامِرَ بْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيِّ اهـ كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ نَقَلَهُ مِيرَكُ، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ غَيْرُ صَوَابٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1425 / 4) ،
وقال رحمه الله : فِي الْحَدِيثِ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ، أَيْ: لَا تَعَبَ فِيهِ وَلَا مَشَقَّةَ، وَكُلُّ مَحْبُوبٍ عِنْدَهُمْ بَارِدٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْغَنِيمَةُ الثَّابِتَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: بَرَدَ لَنَا عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ، أَيْ: ثَبَتَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3358 / 8) .
قال العلامة المناوي رحمه الله :
أي الغنيمة التي تحصل بغير مشقة والعرب تستعمل البارد في شيء ذي راحة والبرد ضد الحرارة لأن الحرارة غالبة في بلادهم فإذا وجدوا بردا عدوه راحة وقيل الباردة الثابتة من برد لي على فلان كذا أي ثبت أو الطيبة من برد الهواء إذا طاب والأصل في وقوع البرد عبارة عن الطيب وأيضا إن الهواء والماء لما كان طيبهما ببردهما سيما من بلاد تهامة والحجاز قيل هواء بارد وماء بارد على سبيل الاستطابة ثم كثر حتى قيل عيش بارد وغنيمة باردة ذكره الزمخشري. فيض القدير شرح الجامع الصغير (243 / 4) .
ثالثا : وردت أحاديث صحيحة كثيرة في فضل الصوم عموما منها :
1- عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ " رواه البخاري (25 / 3) ومسلم
(808 / 2) .
2-عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» . رواه مسلم (808 / 2) .
3- عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] اليَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ " . رواه الترمذي (126 / 3) .
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الصيام ويدخلنا الجنة من باب الريان ، وفي هذا القدر الكفاية لمن أراد الله له الهداية ، والله أعلم . وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
س 12 : من الأخت عائشة من الجزائر : لماذا لم يتمثل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أمر الله جل جلاله بتعليم القرأن و مات أميًّا رغم كلمة (اقرأ) اعرابها فعل أمر ، هذا سؤال طُرِحَ لأخت في الجامعة؟

ج 12 : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ... فإن الإسلام دين العلم ، وأول كلمة نزلت من القرآن على الصحيح ((اقرأ)) ، لكن بغض النظر عن دين السائل ومذهبه ، ليت السائل - إن كان باحثا عن الحق - فتح أي كتاب في إعراب القرآن وتفسيره ليرى ما إعراب هذه الآية الكريمة ، وما تفسيرها ؟

أولا : إعراب الآية ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي
خَلَقَ))
(اقرأ) فعل أمر مبني على السكون وفاعله مستتر تقديره أنت وباسم متعلق بمحذوف حال من ضمير الفاعل أي مفتتحا، وأعربها ابن خالويه زائدة تابعا في ذلك لأبي عبيدة قال: الباء زائدة والمعنى اقرأ اسم ربك كما قال سبّح اسم ربك وأنشد: «سود المحاجر لا يقرأن بالسور» والمعنى على زيادة الباء أي لا يقرأن السور، وقد ذكر النحاة مواضع زيادة الباء ومنها في المفعول به نحو قوله تعالى: «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ» وقول أبي الطيب:
كفى بجسمي نحولا انني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني .
وقيل دخلت الباء لتنبّه على البداية باسمه في كل شيء كما قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم فعلى هذا يجوز أن يكون حالا أي مبتدئا باسم ربك والذي نعت للرب وهو في محل جر وجملة خلق لا محل لها لأنها صلة الذي والضمير فيه يعود على الذي . (إعراب القرآن محيي الدين درويش 6/99 ، 10 / 528 : 529) .
ثانيا : تفسير الآية
((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ))
قال المفسرون: المعنى: اذكر اسمه مستفتحا به قراءتك. وإنما قال عزّ وجلّ: الَّذِي خَلَقَ لأن الكفار كانوا يعلمون أنه الخالق دون أصنامهم. والإنسان هاهنا: ابن آدم. والعلق: جمع علقة، والعلقة: دم عبيط جامد. وقيل: سميت علقة لرطوبتها وتعلُّقها بما تمرُّ به ، قال الفراء: لما كان الإنسان في معنى الجمع جمع العلق مع مشاكلة رؤوس الآيات.. (زاد المسير لابن الجوزي 4/466) .

ثم بين سبحانه أن الإنسان نوعان والعلم نوعان :
النوع الأول : إنسان يتعلم بأسباب ومنها القلم ، يستخدمه في الكتابة ، والمقصود سائر البشر ، فقال سبحانه : ((اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) ))
، والنوع الثاني : إنسان يعلمه الله بلا أسباب ، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال : ((عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) وفي آية أخرى يقول الله سبحانه لحبيبه صلى الله عليه وسلم : وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)) (113 النساء) ، وهذا يلفت أنظارنا إلى قول شيوخنا حفظهم الله في قصة نوح عليه السلام عندما أراد أن يبحر بالسفينة دون أسباب ((بسم الله مجراها ومرساها)) قال الزّجّاج: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ أي: بالله، والمعنى: أنه أمرهم أن يسمُّوا في وقت جريها ووقت استقرارها. ومن قرأ بضم الميمين، فالمعنى: بالله إِجراؤها، وبالله إرساؤها. ومن فتحهما، فالمعنى: بالله يكون جريها، وبالله يقع إِرساؤها، أي: إِقرارها. وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول: من ضم الميم في «مُجراها» أراد: أجراها اللهُ مجرىً، ومن فتحها، أراد: جرت مَجرى. وقال الضحاك: كان إِذا أراد أن تجري، قال: بسم الله، فجرت. وإذا أراد أن ترسي، قال:
بسم الله، فرست.(زاد المسير 2/375) ،

وأما الإعراب فإن الجملة الاسمية (بسم الله مجراها ومرساها) حال من الواو (اركبوا) أو الهاء (فيها) أي اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين باسم الله ومرساها عطف على مجراها وهما مصدران ميميان الأول من جرى ولذلك جاء مجرى والثاني من أرسى ولذلك جاء مرسى بضم الميم وقرىء الاثنان بالضم على أنهما مصدران ميميان أيضا، ويجوز أن يكونا اسمين للزمان أو المكان أي وقت جريانها وارسائها وبسم الله حال أي متبركين باسم الله ويتعلق الظرفان بهذا المحذوف ا هــ (اعراب القرآن 4/356) ، فإذا كان إبحار السفينة بلا أسباب أفيصعب على مسبب الأسباب أن يسهل القراءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا أسباب ، إن الله على كل شيء قدير ، ثم من قال إن القراءة يشترط فيها النظر إلى كتاب مكتوب ، قال الخليل ابن أحمد الفراهيدي ((قرأ: وقَرَأْتُ القرآن عن ظهر قلْبٍ أو نظرت فيه، هكذا يقال إلى أن قال : وقَرَأ فلان قِراءةً حسنة، فالقرآن مقروء، وأنا قارىء. ورجل قارىء عابد ناسك وفعله التَّقرّي والقِراءة)) (العين 5/204)، وراجع لسان العرب (1/129) ، ويكفينا في هذا المقام ما رواه الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهماعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا، وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ . رواه البخاري (1/8 (5) ، ومسلم (1/330 (448) . وبذلك يتأكد لنا أن الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ظل أميًّا حتى موته ، وأميته كل الخلق نقص ، وأميته صلى الله عليه وسلم شرف وكمال ؛ لأن الله سبحانه قد أقام به الحجة على أساطين البلاغة وأرباب الفصاحة في عصره وفي كل العصور وإلى أن يرفع القرآن من الصدور ، فمعجزته الأولى صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم ، كما كانت معجزة موسى عليه السلام الآيات التسع وسط قوم برعوا في السحر ، ومعجزة المسيح عليه السلام إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله وسط قوم برعوا في الطب ، وأما البيئة التي نشأ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت في قمة الفصاحة والبلاغة والبيان ، وكانوا يقيمون أسواقًا للشعر (عكاظ ومِجَنَّة وذي المَجَاز)
< font face="Traditional Arabic"> وكانت المرأة ترضع صغيرها اللغة مع اللبن ، فقد كانوا فصحاء بالسليقة فجاءت معجزته صلى الله عليه وسلم لتتناسب مع قومه بل وتمتد عبر العصور ؛ لان معجزات الأنبياء السابقين كانت خرقا للعادة في عصر كل نبي منهم ؛ لانهم بعثوا إلى أمم بعينها ، وليس للناس كافة كدعوة الحبيب صلى الله عليه وسلم ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ» رواه البخاري (6/182) (4981) ومسلم (1/134) (152) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ " . رواه مسلم (1/371) (523) ،
وهذا ما وضحه رب العالمين - سبحانه - في كتابه فقال : ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) (157 ، 158 الأعراف) نسأل الله أن يجعلنا من المفلحين المهتدين ، وصلّ اللهم وسلّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين . والله أعلم .
  
س 13 : من أخ مغربي ، شيخنا حفظكم الله ، لقد وقع جدا - خلاف - بين بعض الطلبة حول إتيان الرجل زوجه من الفم هل لديكم ماتفيدوننا به في هذا الموضوع وجزاكم الله خيرا ؟

ج 13 : الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد ...
فقد أحل الله النكاح وحرم السفاح ، ولم يترك سبيلا خبيثا للحرام إلا وضع له بديلا طيبا في الحلال ، قال الله تعالى : ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ...)) (157 الأعراف) .

وقد أجاز الله للزوج أن يستمتع بزوجته في حدود الحلال كما نصت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، قال الله تعالى : ((وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ )) (5 : 7 المؤمنون ، 29 : 31 المعارج) .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )) الْآيَةَ (223 البقرة) «أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحَيْضَةَ» . حديث حسن رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه .

وقد تضافرت النصوص عن السلف الصالح رضوان الله عليهم على هذا المعنى ، وهذه بعض الروايات المؤكدة لهذا المعنى :
أخرج ابْن رَاهَوَيْه والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن ابْن عمر - وَالله يغْفر لَهُ - أَو هم إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار وهم أهل وثن مَعَ هَذَا الْحَيّ من الْيَهُود وهم أهل كتاب كَانُوا يرَوْنَ لَهُم فضلا عَلَيْهِم فِي الْعلم فَكَانُوا يقتدون بِكَثِير من فعلهم فَكَانَ من أَمر أهل الْكتاب لَا يأْتونَ النِّسَاء إِلَّا على حرف وَذَلِكَ اسْتُرْ مَا تكون الْمَرْأَة فَكَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قد أخذُوا بذلك من فعلهم وَكَانَ هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش يشرحون النِّسَاء شرحاً ويتلذذون مِنْهُنَّ مقبلات مدبرات ومستلقيات فَلَمَّا قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة تزوّج رجل مِنْهُم امْرَأَة من الْأَنْصَار فَذهب يصنع بهَا ذَلِك فأنكرته عَلَيْهِ وَقَالَت: إِنَّمَا كُنَّا نؤتى على حرف وَاحِد فَاصْنَعْ ذَلِك وَإِلَّا فاجتنبني فسرى أَمرهمَا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} يَقُول: مقبلات ومدبرات بعد أَن يكون فِي الْفرج وَإِنَّمَا كَانَت من قبل دبرهَا فِي قبلهَا .
زَاد الطَّبَرَانِيّ قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ ابْن عَمْرو: فِي دبرهَا فأوهم ابْن عمر - وَالله يغْفر لَهُ - وَإِنَّمَا كَانَ الحَدِيث على هَذَا .
وَأخرج عبد بن حميد والدارمي عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يجتنبون النِّسَاء فِي الْمَحِيض ويأتوهن فِي أدبارهن فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَأ
نْزل الله {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى} إِلَى قَوْله {من حَيْثُ أَمركُم الله} فِي الْفرج وَلَا تعدوه .
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بَينا أَنا وَمُجاهد جالسان عِنْد ابْن عَبَّاس إِذْ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: أَلا تشفيني من آيَة الْمَحِيض قَالَ: بلَى فاقرأ {ويسألونك عَن الْمَحِيض} إِلَى قَوْله {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: من حَيْثُ جَاءَ الدَّم من ثمَّ أمرت أَن تَأتي فَقَالَ: كَيفَ بِالْآيَةِ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَقَالَ: أَي وَيحك وَفِي الدبر من حرث .
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: ظهر الْبَطن كَيفَ شِئْت إِلَّا فِي دبر وَالْحيض .

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: كنت آتِي أَهلِي فِي دبرهَا وَسمعت قَول الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَظَنَنْت أَن ذَلِك لي حَلَال ، فَقَالَ: يَا لكع إِنَّمَا قَوْله {أَنى شِئْتُم} قَائِمَة وَقَاعِدَة ومقبلة ومدبرة فِي أقبالهن لَا تعد ذَلِك إِلَى غَيره .
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَأتوا حَرْثكُمْ} قَالَ: منبت الْوَلَد .
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ائْتِ حرثك من حَيْثُ نَبَاته
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: يَأْتِيهَا كَيفَ شَاءَ مَا لم يَأْتِيهَا فِي دبرهَا أَو فِي الْحيض . (الدر المنثور 1 / 629 : 631) .
وبعد فنقول للسائل الكريم إن هذا الفعل - الذي كان بصدده السؤال - تشمئز منه الفطر السوية ، ثم إن القاعدة الفقهية تقول لا ضرر ولا ضرار ، وقد دلت الأبحاث الطبية على أضرار هذا الفعل بالمرأة ، وبالتالي نقول ينبغي أن يستمسك المسلم بصبغة الإسلام في كل تفاصيل حياته ، ولا ينساق خلف ما يمليه عليه اليهود والنصارى والغرب ، وليس شيء يأتي من الغرب يسر القلب ، روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ» . البخاري (4/169) (3456) ، ومسلم (4/2054) (2669) .
وفي لفظ عبد الرزاق ((لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)) جامع معمر بن راشد (11/369) (20764) .
وفي رواية للبزّار عَن أبي هُرَيرة، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: لا تقوم الساعة حتى تأخذ، أَحسَبُهُ قال: هذه الأمة سنن من كان قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: كما فعلت فارس والروم. (البحر الزخار 15 / 165 - 8518)
وإذا أردنا أن نبحث في سبب هذا السؤال خاصة في الغرب كما عرض على بعض الشيوخ الكبار ، قالوا إن بعض المسلمين في الغرب أصبحوا لا يتأثرون بالأساليب التقليدية في جماع المرأة ؛ وذلك لما يرونه يوميا من العري والفجور والتحلل ، مما حدا بهم إلى البحث عن أسباب جديدة للمتعة والإثارة ، ومنها ما يسمى بالجنس الفموي وغيره ، نقول هذا ليس مبررا أبدا لهذه الأفعال التي قد ثبتت حرمتها لما تقدم من النصوص الواضحة والأدلة الساطعة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ثم إنه ينبغي على الرجل المسلم والمرأة المسلمة أن يعملا بقول الله تعالى : ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ...)) الآيتان (30 ، 31 النور) .
وبذلك يدخر الرجل شهوته كلها لزوجته التي أحلها الله له وهي كذلك ، فلا يثيرهما شيء إلا الحلال ؛ لأنهما بمعزل عن الحرام ، وبذلك تكون حياتهما أسعد حياة ، فما أجمل الحياة في طاعة الله ، نسأل الله تعالى أن يسعدنا بطاعته وأن يجنبنا أسباب سخطه وعقابه ، وأن يدخلنا الجنة من غير سابقة حساب أو عذاب ، والله أعلم ، وصلّ اللهم وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 
س 14 : سأل أخ من المغرب الحبيب : الفرق بين ضم اللام وفتحها في قوله تعالى (ليقولن)
قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) سورة هود: 7
وقال تعالى: (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) سورة هود: 8 ؟

ج 14 : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فنقول بتوفيق الله : يقولَنّ (بفتح اللام) أصلها (يقولُ) فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة المباشرة . وأما (لَيَقُولُنَّ) (بضم اللام) فأصلها (يقولون) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال والواو فاعل والنون المشددة للتوكيد ، يقولونَ نْ نَ : حذفت النون الأولى لكراهة توالي الأمثال عند العرب ، ثم حذفت الواو الساكنة (الفاعل) للتخلص من التقاء الساكنين(الواو الساكنة والنون الساكنة) ، وبقيت الضمة على اللام دليلا على الواو المحذوفة (الفاعل) ، ثم ادغمت النون الثانية الساكنة في النون الثالثة المفتوحة (وهما نون التوكيد الثقيلة غير المباشرة) .
يبقى أن ننبه الأخ الكريم على أن المعتاد في لغة العرب إذا تقدم الفعل على الفاعل المذكر السالم أن يكون الفعل بالتذكير بلا واو جمع (
لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، ويصح في غير القرآن على لغة (أكلوني البراغيث) - وهي لغة حمير وبلحارث وأزد شنوءة ، وهي لغة تجمع بين الفاعل الظاهر والمضمر معًا - (لَيَقُولُنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) باعتبار أن أصلها (ليقولون الذين كفروا) ، ولكن هذا وإن صحّ لغة فإنه لا يصح قراءة ، لأن القراءة سنة متبعة ، وما صحّ قراءة صحّ لغة ، والعكس غير صحيح ، وفي هذا القدر الكفاية لمن شاء الله له الهداية ، وبالله التوفيق ، والله أعلم .
 
 
 
س 15 : سألت أخت من سوريا ، تقول : ما الأشياء التي تدخل في هذه الآية { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } ؟ وهل يلحق المؤمن شيءٌ من الخسار؟ وضح ذلك مع الدليل ؟
أريد الاجابة من التفسير يعني هل المؤمن يلحقه الخسارة أو لا فقط من هذي الجزئية لأنني مطالبة فيها :
فـ ( فَأُولَئِكَ ) أي: من هذه صفته ( هُمُ الْخَاسِرُونَ ) في الدنيا والآخرة، فحصر الخسارة فيهم; لأن خسرانهم عام في كل أحوالهم; ليس لهم نوع من الربح؛ لأن كل عمل صالح شرطه الإيمان; فمن لا إيمان له لا عمل له; وهذا الخسار هو خسار الكفر، وأما الخسار الذي قد يكون كفرا; وقد يكون معصية; وقد يكون تفريطا في ترك مستحب، المذكور في قوله تعالى: إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ فهذا عام لكل مخلوق; إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح; والتواصي بالحق; والتواصي بالصبر; وحقيقة فوات الخير; الذي [كان] العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه. (تفسير السعدي رحمه الله) .

ج 15 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فيقول الله تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) (27) البقرة .

ويقول الله تعالى في بعض صفات المؤمنين الصادقين - اللهم اجعلنا منهم - : ((وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ))(24) الرعد .
ثم يقول عز وجل في بعض صفات الكافرين ومن تبعهم : ((وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)) (25) الرعد .
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله :-
وفي الذي أمر الله به أن يوصل، ثلاثة أقوال: أحدها: الرحم والقرابة، قاله ابن عباس وقتادة والسّدّي. والثاني: أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطعوه بالتكذيب، قاله الحسن. والثالث: الإيمان بالله، وأن لا يفرق بين أحد من رسله، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، قاله مقاتل.
وفي فسادهم في الأرض ثلاثة أقوال: أحدها: استدعاؤهم الناس إلى الكفر، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه العمل بالمعاصي، قاله السّدّيّ، ومقاتل. والثالث: أنه قطعهم الطريق على من جاء مهاجرا إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ليمنعوا الناس من الإسلام. والخسران في اللغة: النّقصان. (زاد المسير 1/48) .
ومن هنا نقول المؤمن الذي يتقي الله ويخافه لا خوف عليه ، ولا يخسر شيئا في الآخرة ، وهذا أهم شيء ، ولا قيمة للدنيا ، وهذا ما برهنت عليه آيات الزمر ، قال الله تعالى : ((قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (15)لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ)) (16) الزمر .
الخسران الحقيقي هو أن يحيد المرء عن سبيل الحق ويتبع سبل الضلال ، وهذا ما يظهر لمن تلقى القرآن بقلبه ، قال الله تعالى : ((وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (45) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ)) (46) الشورى .
هذا الفلاح المذكور آنفًا لمن أتى بكمال الإيمان الواجب ، فأطاع الله فيما أمر ، وانتهى عن ما نهى عنه وزجر ، وصدق ما أخبر ، وأما من فرط في الطاعات أو أفرط في المعاصي والموبقات إلا الشرك فقد يعاقب في الدنيا بجرمه إن كان كبيرة ، والحدود كفارات ، أو يعاقب على قدر معصيته تخفيفًا عليه ، فإن لم يعاقب في الدنيا ولم يتب مصرا على ذنبه فأمره في الآخرة مفوض إلى ربه ، إن شاء عذبه بقدر معصيته (وهذا نوع من الخسران) ثم يخرجه الله إلى الجنة بتوحيده الله أو أحد الشفاعات ، وإن شاء عفا عنه ، وهناك نصوص من القرآن الكريم والسنة الصحيحة تدل على ذلك ، قال الله تعالى : (( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)) (123) النساء . وفي الحديث الصحيح أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] فَكُلُّ سُوءٍ عَمِلْنَا جُزِينَا بِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: " فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ " . رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما .
وروى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ - أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلَا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ.

وأما السورة الكريمة (العصر) التي أشارت الأخت إلى تفسيرها للإمام السعدي رحمه الله ، لا تعني تجريد المؤمن من الخسران تماما إلا إن دخل الجنة ولم يلج النار ، وينبغي أن نعلم أن المؤمن المذنب الذي مات موحدا من المستحيل أن يخلد في النار إن قدرت له العقوبة ، قال الله تعالى : (( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ)) (18) السجدة . ، وقال الله تعالى : ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)) (28) ص .
وقال عز وجل : ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) (22) الجاثية
ولهذا يقول علماء العقيدة إذا وردت أحاديث في حرمان أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من دخول الجنة ، فهذا يعني الحرمان من أوليّة الدخول وليس الحرمان المطلق ، ومن أمثلة ذلك أقواله صلى الله عليه وسلم :
«لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ» (أي قاطع رحم) رواه البخاري ومسلم ، «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ» (أي نمّام) رواه البخاري ومسلم ، «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» رواه مسلم ، «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم ،
«صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رواه مسلم .
نقول إنما يكون الخسران بقدر إفراط العبد أو تفريطه ، لكن لا يكون الخسران الكامل إلا للكافرين كما قال الله تعالى في آخر سورة المؤمنون : ((وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)) (117) ، وكذلك فلاح المؤمن يكون بقدر انتظامه مع الشريعة ، كما قال الله سبحانه في أول سورة المؤمنون : ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) (11) المؤمنون . نسأل الله أن يجنبنا الخسران في الدنيا والآخرة وأن يجعلنا من المفلحين في الدارين ، والله أعلم ، وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
 
س 16 : من أخ مغربي يقول : وقع لي هذا الصباح أمر مخيف لكن ولله الحمد استعنت بالله , ووفقني الله : كنت اليوم في القسم أدرس , فجاءتني إحدى التلميدات إلى القسم وأخبرتني أن الحارس العام للمؤسسة يريدني فلما ذهبت عنده وجدت تلميذة فيها مس من الجن , فبدأت أقرأ عليها من أوائل سورة البقرة , فانتقلت الى ءاية الكرسي فبدأت تصرخ , فقرأت علىها المعوذتين فازداد صراخها ، فبقيت أقرأ حتى أذهب الله عنها ذلك .أفدني يا شيخ في أمر الرقية , ما ينبغي يفعل وما ينبغي أن يترك . في مثل هذه المواقف ؟ مع العلم أنه لأول مرة أقع في هذا الموقف .

ج 16 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فأولا : لا بد من أن تكون متوضئًا ؛ فالوضوء سلاح المؤمن ، وفي حديث الترمذي الطويل عن الحَارِثَ الأَشْعَرِيَّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بني إسرائيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا، فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بني إسرائيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ، وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ، فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، فَامْتَلَأَ المَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا...إلى أن قال : وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ العَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ العَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ "، صحيح رواه الترمذي (2863) (5/148) ، وأحمد (17800) (29/335) وغيرهما .
ثانيا : ثق بالله تعالى ؛ لأن الجن من أضعف ما يكون أمام كلام القوي المتين ، قال الله تعالى : ((إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)) (76 النساء) ، ويقول الله عز وجل : ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) (194 البقرة) .
ثالثا : حاول أن تكون في مكان ليس فيه مخالفات شرعية ، ثم اقرأ الفاتحة وخمس البقرة : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)) (7) الفاتحة ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ :((الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (5 البقرة) ، وآية هاروت وماروت 102 وآيتين بعدها : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ((وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103) البقرة . ،وآية الكرسي : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ((اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)) (255) البقرة ، وآخر البقرة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة ، وآية ((ما جئتم به السحر)) وما قبلها وما بعدها بسورة يونس : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ((فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)) (82 يونس) . وآخر الحشر : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (24) الحشر ، والإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات :
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)

بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(6)

اقرأ كل هذا على ماء وتتفل بعد كل مجموعة من الآيات في الماء ، ثم ترجه ويشرب منه المريض ، وبعد أن يشرب الماء تضع يدك على رأسه إن كان رجلا ، وتضع السواك أو القلم على رأسه إن كان المريض امرأة ، وينبغي أن تكون متحجبة ومتسترة . وتنثر شيئا خفيفا من الماء في وجه المريض وعلى جسده ، فإن حدثك جني فقل له اخرج بإذن الله وبقوة الله وتقرأ وتعيد الآيات حتى يشفيه الله بإذنه ، وبالله التوفيق ، وأما المريض فينبغي أن يحافظ على الصلوات الخمس في أول وقتها وفي جماعة المسجد إن كان رجلا ، ويتصبح كل يوم بسبع تمرات ، ويحافظ على أذكار الصباح والمساء ، ويتوب إلى الله من كل ذنب ، وليعلم أنه إن أخلص لله فلن يضره شيء ،كما قال الله تعالى :
((فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)) (100 النحل)
وذكر الله بعض قول إبليس لعنه الله في سورة الحجر والرد عليه فقال عزّ من قائل :
((قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ))
(40 الحجر) قرأ الشامي والبصريان والمكي بكسر اللام اسم فاعل من أخلص أي عمل العمل لله وحده خاليا من أي شرك ، وقرأ الباقون بفتح اللام اسم مفعول أي أخلصه الله واصطفاه ونجاه من كل شرك ، نسأل الله أن يجعلنا من المخلِصين المخلَصين ، اللهم تب علينا لنتوب إليك ، ونجنا من كل ما نخاف ونحذر ، آمين ، وصلّ اللهم وسلّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، والله أعلم .
 
 
س 17 : من أخت مغربية ، ما قولكم في النبر في القران الكريم من غير مواضعه الخمسة؟؟ رجاء التوضيح لما يسمح وقتك طبعا .

ج 17 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فقد قرأت ما نقل عن الشيخ الفاضل العلامة الدكتور أيمن رشدي سويد حفظه الله ونفع الله به - وهو كالبدر المنير غني عن التعريف - في حديثه عن النبر في القرآن الكريم ، فوجدته ذكر أنواعًا خمسة للنبر ، وعرف النبر فقال: النبر هو إبراز الصوت على مقطع من الكلمة. وهو أشيع في اللغات الغربية منه في العربية، بحيث يمكن أن يتغير معنى الكلمة في تلك اللغات بتغير موقع النبر، بينما في العربية لا يغير النبر المعنى لكنه قد يساعد السامع على الفهم.
النبر :لغة هو شدة الصياح ، وفي علم الأصوات الحديث: هو الضغط على مقطع أو حرف معين من حروف الكلمة بحيث يصبح صوته أعلى بقليل عما يجاوره من الحروف.
و الملاحظ أن النبر يكون من جملة أحكام القراءة في خمسة مواضع:
الموضع الأول :

عند الوقف على الحرف المشدد مثل " الحيّ " , " برّ ", " عدوّ " , " مستقرّ " ، وذلك حتى لا نسقط حرفا أثناء التلاوة.
ويستثنى من ذلك:
1- النون والميم المشددتان لما فيهما من الغنة فمثلاً الوقف على " لكنْ " ليس مثل الوقف على " لكنّ ".
2- الوقف على الحرف المقلقل المشدد نحو " وتبّ ".

الموضع الثاني :
أ- عند النطق بواو مشددة مضموم أو مفتوح ما قبلها نحو " القوّة ", " قواميّن ".
ب- عند النطق بياء مشددة مكسور أو مفتوح ما قبلها نحو " شرقيّا " , " سيّارة " , "إيّاك".

وذلك حتى لا يتولد لدينا حرف مد لتقدم الحركة لحرف ساكن أو تولد حرف لين ، لأن أصل الحرف المشدد حرفان أولهما ساكن والثاني محرك مثل "إيْـيـَاك" ، فلا يمكننا اعتبار الحرف الأول حرف مد لأن الحرف المدغم يأخذ صفة الحرف المدغم فيه.
الموضع الثالث: عند الانتقال من حرف مد إلى الحرف الأول من المشدد (المد اللازم المثقل) نحو " الدابّة " , "ولا الضالّين" , "دابّة ".
الموضع الرابع :عند الوقف على همزة مسبوقة بحرف مد أو لين نحو " السماء " , " سَوْء " ، " شَيْء " .
الموضع الخامس:عند سقوط ألف التثنية للتخلص من التقاء الساكنين إذا ألتبس بالمفرد نحو " وقالا الحمد لله " ، "ذاقا الشجرة " .
يستثنى من ذلك قوله تعالى "دعوا الله" حيث لا ضرورة للضغط على الحرف الأخير حيث أن وجود حرف الواو أزال الالتباس وجود المفرد. انتهي .

ولكن نلاحظ ثلاث ملاحظات ذكرها بعض الباحثين المعاصرين ، الملاحظة الأولى والثانية للأستاذ/خالد عبد الحليم هاشم العبسي حفظه الله ، أولا :
فقد اختلف الباحثون المعاصرون في دراسة العرب للنبر، فذهب أكثر المعاصرين إلى أن العرب لم يدرسوا النبر، ويرى الباحث تفريع هذا السؤال إلى أسئلة يتعلق كل واحد منها بنوع من النبر، وعليه يقال: إن للعرب إشارات للنبر على مستوى الكلمة (النبر الجملي)، وأنهم درسوا ظواهر صوتية عدة متصلة بمفهوم (نبر الطول). أما (نبر الشدة) فيترجح للباحث أن اللغويين الأوائل لم يدرسوه، ولا يوجد مصطلح في التراث العربي يناظر مصطلح (word stress).

الملاحظة الثانية :
ذهب بعض الباحثين إلى أن مصطلح (الهمز) عند القدماء كان نظيرا لمصطلح (النبر) -أي الضغط على المقطع- عند المحدثين، ثم حصل تطور في مصطلح الهمز وأصبح لقبا لأحد الحروف الهجائية، وتابع هذا الرأي عدد من المعاصرين، وقد خالف الباحث ذلك، ورأى أنه لا يصح القول بأن الهمز كان نظيرا لمصطلح النبر بمعنى الضغط، ورجّح أن النسبة بين المصطحين هي التغاير لأسباب؛ منها: عدمُ استكمال ذلك الرأي لعدة تصوّرات من جهة زمن التطور وبدايته ومحلّه، عدمُ وجود أي إشارة من القدماء إلى مثل ذلك الانتقال في هذا المصطلح، اختلافُ مفهوم النبر (بمعنى الضغط) عن مفهوم النبر (بمعنى الهمز)، تفسير الهمز بمعنى الضغط يلزم منه عدم اتخاذ النبر مكانا ثابتا في الكلمات ذات البنية المقطعية المتشابهة، غموضُ مقولات يتبناها ذلك الرأي . انتهى . قلت : وهو اصطلاحًا أيضًا بمعنى الفصل أي فصل حرف عن آخر أو كلمة عن أخرى أو مقطع عن آخر ،
قال ابن منظور : "النبْرُ: هَمْزُ الحرْفِ وَلَمْ تَكُنْ قُرَيْشٌ تَهْمِزُ فِي كَلَامِهَا. وَلَمَّا حَج الْمَهْدِيُّ قَدَّمَ الْكِسَائِيَّ يُصَلِّي بِالْمَدِينَةِ فَهَمَزَ فأَنكر أَهل الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ وَقَالُوا: تنبرُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْقُرْآنِ. والمَنْبور: الْمَهْمُوزُ. والنبْرَةُ: الهَمْزَةُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: اطْعُنُوا النَّبْرَ وَانْظُرُوا الشَّزْرَ
؛ النبرُ الخَلْسُ، أَي اخْتَلِسُوا الطعْنَ. وَرَجُلٌ نَبَّارٌ: فصيحُ الكلامِ، ونَبَّارٌ بِالْكَلَامِ: فَصِيحٌ بَلِيغٌ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ نَبَّارٌ صَيَّاحٌ. ابْنُ الأَنباري: النبْر عِنْدَ الْعَرَبِ ارْتِفَاعُ الصَّوْتِ. يُقَالُ: نَبَرَ الرجلُ نبْرَةً إِذا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فِيهَا عُلُوٌّ؛ وأَنشد:

إِنِّي لأَسمَعُ نبْرَةً مِنْ قَوْلِها، ... فأَكادَ أَن يُغْشَى عَلَيَّ سُرُورا . (لسان العرب 5/189) .

قال أبو بكر الأنباري : قال أبو العباس: إنما سمي المنبر منبراً لارتفاعه وعلوه. أخذ من النبر . (الزاهر 1/420) .

الملاحظة الثالثة أشار إليها د/وليد مقبل الديب حفظه الله :
هناك أمثلة قرآنية توضح خطورة ظاهرة النبر ، وقد تلقيتها عن بعض شيوخي بالأسانيد المتصلة ، وبعضهم عللها ، مثل :
1- " فَسَقَى لَهُمَا " (24 القصص) إذا قرأت بلا نبر فإن هذا يحول معناها من السقيا إلى الفسق .
2- " فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ " (16 الحديد) عدم نبر الفاء (بمعنى الفصل) أو نبر القاف (على معنى الضغط ورفع الصوت) يلبسها بـ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ من الفقس التي لا تكون إلا للبيض ، بينما " فَسَقُوا " بالنبر تتحول من الفسق إلى السقيا .
3- " فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " (72 ص) عدم نبر الفاء (أو القاف على التقدير السابق في رقم 1) يلبسها بـ فَقَعُوا لَهُ من الفقع كفقع العين .
4- " أَفَلَا تَعْقِلُونَ " عدم نبر الفاء (أو اللام على التقدير السابق في رقم 1) يلبسها بالأفول ، وهو الغياب ، بينما أصلها في حقيقة الأمر "لا"النافية ثم دخلت عليها فاء العطف ثم دخلت عليها همزة الاستفهام الإنكاري ؛ فصارت (أَفَـــلَا) .
5- في المقطوع والموصول مثل :
- " أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " عدم نبر النون يلبسها بـ " أَيْنَمَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ "
- " وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ " (3 المطففين) نبر اللام يلبسها بـ:" (وَإِذَا كَالُوا هُم أَوْ وَزَنُوا هُمْ يُخْسِرُون)
- " وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ" (39 الشورى) : (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُهُمْ يَنْتَصِرُونَ) .

6- النبرة الخفيفة على الساكن العارض للوقف بعد ساكن أصلي ؛ لئلا يضيع الحرف الأخير بتأثير ما قبله مثل : قَبْلِ ، مِصْرَ ، وَعْدَ .
وبناءً على ما تقدم أقول ، المقياس الذي يعتبر به عند علماء القرآن والقراءات هو التلقي وليس إزالة اللبس ، وكل شيخ له طريقة في التلقي ، المهم أن لا يخرج الأمر عن سياق التلقي إلى التكلف ، وقد أشار إلى هذا الباحث المذكور أ/خالد عبد الحليم هاشم العبسي ، وقد عبر الإمام ابن الجزري رحمه الله عن سهولة هذا العلم وجماله بقوله :
وَهُوَ إِعْطَاءُ الْحُرُوفِ حَقَّهَا مِنْ صِفَةٍ لَهَا وَمُستَحَقَّهَا
وَرَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ لأَصْلِهِ وَاللَّفْظُ فِي نَظِيْرِهِ كَمِثْلهِ
مُكَمِّلاً مِنْ غَيْرِ مَا تَكَلُّفِ بِاللُّطْفِ فِي النُّطْقِ بِلاَ تَعَسُّفِ
وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ إِلاَّ رِيَاضَةُ امْرِئٍ بِفَكِّهِ
وبالله التوفيق ، والله أعلم .


للمزيد يرجى متابعة الرابطين :
http://www.yemen-nic.info/contents/studies/d etail.php?ID=20862

http://alqeraat.com/vb/showthread.php?3996-% C7%E1%E4%C8%D1-%DD%ED-%C7%E1%DE%D1%C2%E4-%C7%E1%DF%D1%ED%E3& amp;amp;s=79c432f459fc28ebe4eaeb582303dde1

  

س 18 من أخ تونسي يقول : شيخي أسأل عن مد التعظيم لقالون ، هل فيه لأبي نشيط طريق من الطيبة ، أم الحلواني فقط ؟

ج18 : الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فيقول الله تعالى : ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) (9 الحجر) ، تكفل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم رسمًا وتلاوةً في السطور وفي الصدور ، وهذه معجزة لا ينكرها إلا جاحد طمس الله بصيرته ، نسأل الله الهداية والتوفيق .
أقول للأخ الحبيب ذكر علماؤنا للمد أنواعًا ، بناءً على السبب ، فالمد الفرعي
متوقف على سبب لفظي - كما قال الشيخ الجمزوري رحمه الله :
والآخر الفرعي موقوف على سبب كهمز أو سكون مسجلا -
أو سبب معنوي ،
ويقصد منه المبالغة في النفي وهذا من طريق طيبة النشر فقط (*)،


(*) للمزيد عن خلافات قالون من الطيبة يرجى تحميل هذا الملف للشيخ أبي محفوظ حفظه الله ، وبالله التوفيق .http://ia600308.us.archive.org/17/items/kalo un_628/doc
وينقسم المد - بناءً على السبب المعنوي - إلى قسمين (التبرئة، والتعظيم) ، أما مد التبرئة فيكون بمد لا النافية للجنس بمقدار أربع حركات عند حمزة بشرط أن لا يأتي همز بعد لا ، ومثاله :- (لاَ رَيْبَ ) .
وأما مَدُّ التَّعْظِيمِ فهُوَ إِطَالَةُ الصَّوْتِ بِـ (لا) النَّافِيَةِ ؛ تَعْظِيمًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :(لا إِلِـهَ إِلاَّ) فِي كُلِّ الْقُرْآنِ ،وَمِقْدَارُ الْمَدِّ أَرْبَعُ حَرَكَاتٍ ، قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في طيبة النشر :-
[165] وَالْبَعْضُ للِتَّعْظِيمِ عَن ذِي الْقَصْرِ مَدْ * * *
أي روى بعض الأئمة لمن قصر المنفصل مدّ التعظيم أي إِطَالَةُ الصَّوْتِ بِـ (لا) النَّافِيَةِ ؛ تَعْظِيمًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (لا إِلِـهَ إِلاّ)
فِي كُلِّ الْقُرْآنِ ، وَمِقْدَارُ الْمَدِّ أَرْبَعُ حَرَكَاتٍ ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فَقَالَ : " مُسْتَحَبٌّ ، وَبِهِ أَعْمَلُ "(*) ، وقدوقع في القرآن ستة وثلاثين مرة ؛
وهي : (البقرة : 163 ، 255) ، (آل عمران : 2،6 ، 18 مرتان) ، (النساء : 87) ، (الأنعام : 102 ، 106) ،(الأعراف : 158) ، (التوبة : 31 ، 129) ، (يونس : 90) ، (هود : 14) ، (الرعد :30)، (النحل : 2) ، (طه : 8، 14 ، 98) ،(الأنبياء : 25 ، 87) ، (المؤمنون : 116) ، (النمل : 26) ، (القصص : 70، 88) ، (فاطر: 3) ، (الصافات : 35) ، (الزمر:6) ، (غافر : 3، 65) ، (الدخان : 8)، (محمد : 19) ، (الحشر : 22 ، 23) ، (التغابن : 13) ، (المزمل : 9)
وأصحاب القصر ذكرهم الإمام ابن الجزري من قبل بقوله :
[164] .............. وَقَّصْرُ المنُفْصِلْ * * * بِنْ لِي حِماً عَنْ خُلْفِهِمْ دَاعٍ ثَمِلْ

أي قرأ المرموز لهم بـ (ب) ، (ل) ، (حما) ،(ع) ، (د) ، (ث) وهم قالون وهشام والبصريان وحفص بقصر المنفصل بخلاف عنهم ، وقرأ ابن كثير وأبو جعفر بقصر المنفصل وجهًا واحدًا . وقرأ الأصبهاني كقالون بقصر المنفصل بخلف عنه ، وقد وردت هذه المرتبة في التيسير للداني ، والتذكرة لابن غلبون والتلخيص لابن بَلِّيمَةَ ، والإقناع لابن الْبَاذِشِ، وغيرهم .


(*) قال في النشر (1/345،344) : وَقَدْ وَرَدَ مد التعظيم عَنْ أَصْحَابِ الْقَصْرِ فِي الْمُنْفَصِلِ ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو مَعْشَرٍالطَّبَرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، وَابْنُ مِهْرَانَ ، وَالْجَاجَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: مَدُّ الْمُبَالَغَةِ.قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ فِي " كِتَابِ الْمَدَّاتِ " لَهُ: إِنَّمَا سُمِّيَ مَدَّ الْمُبَالَغَةِ ; لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ إِلَهِيَّةِ سِوَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ: وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا تُمَدُّ عِنْدَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الِاسْتِغَاثَةِ، وَعِنْدَالْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ شَيْءٍ، وَيَمُدُّونَ مَا لَا أَصْلَ لَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ. قَالَ: وَالَّذِي لَهُ أَصْلٌ أَوْلَى وَأَحْرَى. (قُلْتُ) (ابن الجزري) : يُشِيرُ إِلَى كَوْنِهِ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ، وَهُمَا الْمُبَالَغَةُ وَوُجُودُ الْهَمْزَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالَّذِي قَالَهُ فِي ذَلِكَ جَيِّدٌظَاهِرٌ. وَقَدِ اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ الْمُحَقِّقُونَ مَدَّ الصَّوْتِ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِشْعَارًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَبِغَيْرِهِ. قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي "الْأَذْكَارِ ": وَلِهَذَا كَانَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابَ مَدِّ الذَّاكِرِ قَوْلَهُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) لِمَاوَرَدَ مِنَ التَّدَبُّرِ. قَالَ: وَأَقْوَالُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ فِي مَدِّ هَذَا مَشْهُورَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى. (قُلْتُ) (ابن الجزري)
: رَوَيْنَا فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مَرْفُوعَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: مَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ أَسْكَنَهُ اللَّهُ دَارَ الْجَلَالِ - دَارًا سَمَّى بِهَا نَفْسَهُ فَقَالَ: ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ - وَرَزَقَهُ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ. وَالْآخَرُ عَنْ أَنَسٍ: مَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَمَدَّهَا هَدَمَتْ لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ ذَنْبٍ ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفَانِ ، وَلَكِنَّهُمَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ . (وانظر شرحي على الطيبة (خلاصة الفكر) لم يكتمل ولم يطبع (2 / 57) .

ومجموع طرق قالون من طيبة النشر ثلاثة وثمانون طريقًا ، وقد ذكر الإمام ابن الجزري منهجه في اختيار الطرق فقال في النشر : اقْتَصَرْتُ عَنْ كُلِّ إِمَامٍ بِرَاوِيَيْنِ، وَعَنْ كُلِّ رَاوٍ بِطَرِيقَيْنِ، وَعَنْ كُلِّ طَرِيقِ بِطْرِيقَيْنِ: مَغْرِبِيَّةٍ وَمَشْرِقِيَّةٍ، مِصْرِيَّةٍ وَعِرَاقِيَّةٍ، مَعَ مَا يَتَّصِلُ إِلَيْهِمْ مِنَ الطُّرُقِ، وَيَتَشَعَّبُ عَنْهُمْ مِنَ الْفِرَقِ . (النشر 1/54) .
وهذا ما اختصره في طيبته بقوله :
وَهذِهِ الرُّوَاُة عَنْهُمْ طُرُقُ * * * أصَحُّهَا في نَشْرِنَا يُحَقَّقُ
بِاثْنَيْنِ في اثْنيَنِ وَإلاَّ أَرْبَعُ * * * فَهْيَ زُهَا أَلْفِ طَرِيقٍ تَجْمَعُ

وقد اختار ابن الجزري لرواية قالون طريقين رئيسين :
الأول : طريق محمد بن هارون الربعي المعروف بأبي نشيط وعنه طريقان :
أ- أحمد بن عثمان بن جعفر بن بويان.
ب- علي بن سعيد بن الحسن القزاز.

الثاني: أحمد بن يزيد الحلواني، وعنه طريقان:
أ- الحسن بن العباس بن أبي مهران.
ب- جعفر بن محمد بن الهيثم البغدادي .

وقد اختار الإمام ابن الجزري طرق رواية قالون من عدة كتب وهي :
١. التيسير في القراءات السبع: لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: ٤٤٤ ه ).
٢.حرز الأماني ووجه التهاني (متن الشاطبية): للإمام أبي محمد القاسم بن فيره الشاطبي (ت: ٥٩٠ ه ).
٣. كتاب السبعة – لأبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد التميمي (ت ٣٢٤ ه ).
٤. كتاب الغاية – لأبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني (ت ٣٨١ ه ).
٥. التذكرة في القراءات الثمان: لأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون (ت: ٣٩٩ ه ).
٦. كتاب الهادي – لأبي عبد الله محمد بن سفيان القيرواني المالكي (ت ٤١٥ ه ).
٧. كتاب المجتبى – لأبي القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي (ت ٤٢٠ ه ).
٨.كتاب الروضة – لأبي عمر أحمد بن عبد الله بن لب الطلمنكي ( ت ٤٢٩ ه ).
٩.كتاب التبصرة –لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني (ت ٤٣٧ ه ).
١٠ . الروضة في القراءات الإحدى عشرة (القراءات العشر وقراءة الأعمش): لأبي علي الحسن بن محمد البغدادي المالكي (ت: ٤٣٨ ه ).
١١ . كتاب الهداية – لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت ٤٤٠ ه ).
١٢ .القاصد – لأبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن القرطبي (ت ٤٤٦ ه ).
١٣ .الجامع في القراءات العشر وقراءة الأعمش: لأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن فارس الخياط البغدادي (ت: ٤٥٠ ه ).
١٤ .الكامل في القراءات العشر والأربعين الزائدة عليها: لأبي القاسم يوسف ابن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: ٤٦٥ ه ).
١٥ . كتاب الكافي –لأبي عبد الله محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي( ت ٤٧٦ ه ).
١٦ . كتاب التلخيص في القراءات الثمان – لأبي معشر عبد الكريم الطبري الشافعي (ت ٤٧٨ ه ).
١٧ . كتاب الروضة -لأبي إسماعيل موسى بن الحسين المعدل (ت ٤٨٠ ه ).
١٨ .المستنير في القراءات العشر: لأبي طاهر أحمد بن علي بن سوار البغدادي (ت: ٤٩٦ ه ).
١٩ . تلخيص العبارات: لأبي علي الحسن بن خلف بن بليمة القيرواني (ت: ٥١٤ ه ).
٢٠ . التجريد لبغية المريد في القراءات السبع: لأبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن عتيق الصقلي المعروف بالفحام (ت: ٥١٦ ه ) .
٢١ .الإرشاد في العشر: لأبي العز محمد بن الحسين القَلانسِي (ت: ٥٢١ ه ).
٢٢ .الكفاية الكبرى: لأبي العز محمد بن الحسين بن بُندْار القلانسي الواسطي.
٢٣ .المبهج في القراءات الثمان وقراءة ابن محيصن والأعمش واختيار خلف واليزيدي: لأبي محمد عبد الله بن علي المعروف بسبط الخياط البغدادي
(ت: ٥٤١ ه ).
٢٤ .الكفاية في القراءات الست: لعبد الله بن علي سبط الخياط (ت: ٥٤١ ه ).
٢٥ .المصباح الزاهر في القراءات العشر البواهر: لأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن فتحان الشهرزوري (ت: ٥٥٠ ه ).
٢٦ .غاية الاختصار في القراءات العشر: لأبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني (ت: ٥٦٩ ه ) .
٢٧ .الإعلان- لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل الصفراوي (ت ٦٣٦ ه ).


واليك تفصيل كتب كل طريق :
الطريق الأول لقالون : أبو جعفر محمد بن هارون الربعي أبي نشيط (34 طريقًا) له طريق واحدة ، وهي : طريق أبي بكر أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعت العنزي ، يتفرع عنه طريقان :
الطريق الأولى : أحمد بن عثمان بن بويان (23 طريقًا) من كتب :
- الشاطبية - المصباح
- التيسير - الهداية
- الكافي -الكامل
- التجريد - روضة المالكي
- المبهج -غاية ابن مهران
- المستنير -الكفاية الكبرى
- الغاية لأبي العلاء
- تلخيص أبي معشر

.......... ......... ........ ........... ............ .......... ...........
الطريق الثانية : علي بن سعيد بن الحسن القزاز (11 طريقًا) من كتب :
- الشاطبية - الإعلان
- التذكرة -الهداية
- الهادي -الكامل
- التجريد
- التبصرة
- الروضة للطلمنكي
- تلخيص العبارات


الطريق الثاني لقالون : أبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني (49 طريقًا) له طريقان :
الطريق الأولى : أبو علي الحسن بن العباس بن أبي مهران الجمال ( ٤٥ طريقاً) من كتب :
- المجتبى - روضة المعدل
- الإرشاد - الكفاية الكبرى
- القاصد - تلخيص أبي معشر
- التجريد - غاية الإختصار
- المبهج -غاية ابن مهران
- المستنير -كفاية الست
- الجامع - الروضة للطلمنكي
- الكامل - تلخيص العبارات

- المصباح - السبعة لابن مجاهد

.......... ........... ........... ........... ............ .......... ...........

الطريق الثانية : جعفر بن محمد بن الهيثم البغدادي (4 طرق) من كتب :المستنير
- الكامل
-الجامع
(*)

(*) نقلا عن الشيخ الفاضل توفيق ضمرة (الجسر المأمون إلى رواية قالون من الشاطبية والدرة) ص 130 .
وأما أصحاب القصر في المنفصل لقالون فهم كما قال العلامة الشيخ المتولي رحمه الله في متن "عزو الطرق" :من غايتين قصر قالون ومن ... كتابي القلانسي كاف زكن
والسبعة المصباح ثم المجتبى ... والروضتين فافهمن لتنجبا
وجامع التلخيص مستنير ... وكامل حرز مع التيسير
ثم عن الحلواني تجريد نقل ... كذا بتلخيص العبارات حصل
وعن أبي الفتح رواه الداني ... من الطريقين فخذ بيان
إلى أن قال
والقصر من كفاية كبرى تجد ... في النشر لكن في النصوص فاستفد
وهو الذي عليه الأزميري جرى ... ومن يقل بالمد منها ما درى
ومعلوم أن أشهر أصحاب مد التعظيم هم :1- الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني (ت ٣٨١ ه ).قرأ على ابن الأخرم وابن بويان وغيرهما ، وله مؤلفات منها : الغاية ، والشامل ، والمبسوط في القراءات .2- الإمام أبو القاسم يوسف ابن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: ٤٦٥ ه ) ، قرأ على مائة واثنين وعشرين شيخا ، أشهر كتبه : الكامل في القراءات .3- الإمام أبو معشر عبد الكريم الطبري الشافعي (ت ٤٧٨ ه ) ، أشهر كتبه : التلخيص في القراءات الثمان ، وسوق العروس .
قال
العلامة الشيخ المتولي رحمه الله في متن "عزو الطرق" :
والمد للتعظيم يروي الهذلي ... والطبري كذا ابن مهران يلي
لكن الأزميري قال عنده ... في غاية لابن كثير وحده
وقال عند الطبري للحضرمي ... وابن كثير ليس إلا ينتمي
وهكذا وجدت في التلخيص له ... خلاف ما في النشر حيث اسجله

ومن خلال قراءتي وتتبعي لأقوال شيوخ الإقراء أقول ، وبالله التوفيق :
لم يرد مد التعظيم لقالون من طريق الكامل للهذلي على تحقيق العلامة محمد إبراهيم سالم رحمه الله في فريدة الدهر ولا التلخيص ولا الغاية (راجع فريدة الدهر 1/562 ، 2/194) ، ويجوز مد التعظيم لقالون من طريق الكامل للهذلي ، وتلخيص أبي معشر الطبري وغاية بن مهران على ظاهر النشر ، وبدونه فيهما - التلخيص والغاية - على ما حققه العلامة مصطفى الأزميري رحمه الله في بدائع الفوائد ص 83 .
فيتبقى كتاب الشامل والمبسوط وسوق العروس لابن مهران ، ومد التعظيم منها لكن لم يقرأ بها ابن الجزري لقالون من هذه الكتب ، وبعد مراعاة هذه التحريرات الهامة :
1- يجوز التصادم أي قصر ميم (الــم . الله) مع فتحها مع مد التعظيم في (لا إله إلا هو)
في أول آل عمران ؛ لأن السبب في الأول لفظي ، وفي الثاني معنوي لاختلاف البابين (فريدة الدهر 1/88) (البدائع ص 83) .
2- يمتنع تقليل (توراة) مع التكبير ،
ولا مد للتعظيم لقالون مع تقليل (التوراة) حيث وقعت ، قال العلامة الزيات في تنقيح فتح الكريم ص 13 : كذا اتركن ... لقالون إن توراة كان مقلِّلا
أو بأسلوب آخر لا يأتي مد التعظيم إلا مع فتح (التوراة) كما قال الشيخ عامر عثمان رحمه الله في فتح القدير ص 47 :
ودع غنة حفص قاصرًا ، لا مُعَظِّمًا ... لقالون معه افتح التوراة تُقْبَلَا
وقد تبين أن طريق التلخيص يقلل التوراة فلا مد للتعظيم منه على الصحيح ، و
يختص وجه التكبير وكذا المد للتعظيم لقالون بوجه الفتح في التوراة فيبقى له ستة عشر وجهًا في أول الفرقان ذكرها في البدائع ص 87 .
3- لا مد للتعظيم لقالون مع ترك الغنة في اللام والراء ، قال في التنقيح :
ولا مد للتعظيم مع ترك غنة ... سوى ابن كثير معه يعقوب حصلا
أي لا يأتي مد التعظيم إلا مع الغنة في اللام والراء عند إدغام النون الساكنة والتنوين فيهما ، وبناءً على ما تقدم
نقول :
على القول بوجود مد التعظيم لقالون فإن ذلك يأتي له من طريق أبي نشيط عن ابن بويان ، طريق ابي بكر بن مهران من كتاب الكامل للهذلي ؛ فإنه قد انطبقت عليه هذه التحريرات ؛ فإن له وجه عدم التكبير عموما ، وله وجه قصر المنفصل ، وله الغنة عند اللام والراء ، وله فتح التوراة ، ويحتمل وجود مد التعظيم من طريق الحلواني من طريق المنقي ، طريق الشنبوذي من كتاب الكامل ؛ لتحقق نفس التحريرات فيه وإن كان يقرأ المنفصل بفويق القصر (3 حركات) فقط فعلى ترك فويقات المنفصل بنزولها إلى القصر يجوز ، وكل ذلك مظنون ، والله أعلم بالصواب .

وقد رأيت بنفسي اضطراب أقوال علماء التحرير في هذه المسألة حتى تكاد تقول لا مد للتعظيم لقالون مطلقًا ، وهذا ما قاله الشيخ المحقق العلامة محمد إبراهيم سالم رحمه الله في الفريدة (2/333) : ((وإن كان التحقيق على عدم مد التعظيم لقالون والأصبهاني والحلواني عن هشام)) انتهى .
وعلى كل حال التحريرات دوامة طويلة لا أول لها من آخر ،
وإن دل هذا العلم المعقد على شيء فإنما يدل على المبالغة في حفظ القرآن أداءً كما وعد الله بذلك فقال : ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) (9 الحجر) ، فسبحان من هذا كلامه .
ومن أراد أن يتعرف على هذا العلم أكثر فليقرأ هذا البحث لفضيلة الشيخ الدكتور إيهاب فكري حفظه الله :
http://www.tafsir.net/vb/tafsir20740/

هذا ما يسره الكريم سبحانه على ضيق الوقت ، ولعلي أعود لاختصار تحريرات قالون من الشاطبية والطيبة ، وبالله التوفيق ، وصلّ اللهم وسلّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .

س 19 : سأل بعض الإخوة والأخوات عن معنى كلمة : "منهجنا الصبر والتدبر"؟

ج 19 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فإن العلم أربح المكاسب وأرفع المراتب وأنصح المناقب وهو حرفة أهل الهمم من الأمم ونحلة أهل الشرف من السلف لم يتقلد سلكه إلا جيد ماجد ولم يتوشح برده إلا كل طالب فى العلوم مجاهد ولم يستحق إسمه الا الواحد الفذ يأتى فى الزمان بعد الواحد ولذا تجد أن أهل العلم من الأمم الماضية كانوا يتنافسون فى إقتنائه ويتصافنون فى عافى إنائة . وأما اليوم فحدث ولا حرج عن إضاعة العلم ودروسة وأفول أقماره وشموسة فيقبض العلم بموت العلماء كما قال سيد الانبياء (العلم للشريشي) والصبر الذي نعنيه حبس لنفس على طاعة الله ، والصبر أنواع : صبر على طاعة الله ، عن معصية الله ، على قضاء الله ، قال عمر رضي الله عنه :
بالصبر أدركنا حسن العيش ا هــ ، فالعلم لا يؤخذ بالاستعجال ، ولا ينال العلم براحة الجسم ، فالصبر هو الدرجة الأولى التي بها نرتقي لطريق الجنان ، أول كلمة قالها الخضر عليه السلام
لموسى عليه السلام " : "قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا"، أكثر طلاب العلم لا يصبرون ، فبم أجاب موسى عليه السلام ؟ انظروا إلى الأدب الرفيع ، رغم أن موسى في درجة أعلى ؛ إذ هو من أولي العزم من الرسل ، "قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا " (الكهف 69) ، هكذا ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)) (الأحقاف 35) : وهم محمد صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم عليهم صلوات الله وسلامه كما في آيتي الأحزاب والشورى ، وسئل الإمام الشافعي رحمه الله أيبتلى المرء أولا أم يمكن له ، فقال : بل يبتلى ثم يمكن له ، نعم ، والدليل : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)) (البقرة 124) .
بالصبر وإن كان مريرا ... يصبح ورق التوت حريرا
وتصير الأشواك زهورا ... والبيض المكنون طيورا
فاصبر تجمع كل جميل ... واشكر يأت الخير وفيرا
واغزل ثوب الصبر نضيرا ... تجني جنات وحريرا (د/تاج الدين نوفل حفظه الله)
الدرجة الثانية : التدبر ، أفلا يتدبرون القرآن ، التدبر غير التفسير، التفسير معرفة المعاني ودلالات الألفاظ ، التدبر أسمى وأعظم ، التدبر إعادة النظر في الآية مرة بعد مرة لاستخلاص الفوائد والعبر : (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)) (النساء 82) .
(( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) (محمد صلى الله عليه وسلم 24) ، نقول للأسف منهج التعليم اليوم عند أكثر الشيوخ قراءة مجردة ولا فهم ولا تدبر في الآيات (مع اعتذارنا لبعضهم لكثرة مشاغلهم جزاهم الله خيرا) وليس هذا مخرج الأمة من الأزمة ، أزمة الأمة حلها مع أهل القرآن ، ولو بتدبر آية في كل جزء ، ولكن ليت شعري كيف يعلمون الناس التدبر وأكثرهم فاقدوا علوم التدبر ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، هذا هو منهجنا ، تخريج طلاب يفهمون ويتدبرون ويصبرون ويتأدبون مع كل من يخالفهم ، ربما يأخذ الطالب سنة أو أكثر في الختمة (هو ورزقه) ؛ فعِلَّةُ إنزال القرآن التدبر : ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)) (ص 29) حتى إن آيتي التدبر (أفلا يتدبرون القرآن) في سورة النساء ومحمد صلى الله عليه وسلم لمشحونتان بكثير من العلوم في علم الوقف ، في علم العقيدة ، في علم المنطق في علم اللغة ، في علم النحو والصرف .........إلخ .
كل الكتب تحتوي صُحُفًا ، وأما القرآن وحده فهو صُحُفٌ تحتوي كتبًا ، كتبا في اللغة ، في العقيدة ، في الفقه ، في العبادة ، في المعاملة ، في القصص ، في الأخلاق ، في السِّيَر ، في العبر ، لأنه كلام رب العالمين ، قال الله سبحانه : ((رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً . فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ)) (البينة 2 ، 3)
((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)) (الأنعام 38) .
الدرجة الثالثة اليقين ، وبالصبر واليقين تُنَالُ الإِمَامَةُ في الدين ،
وقد وردت كلمة (أئمة) في القرآن الكريم في خمسة مواضع

موضعان في أئمة الضلالة (التوبة وثان القصص)
موضعان في أئمة الهداية (الأنبياء وأول القصص)

أما معالم الطريق لأئمة الهداية ففي آية السجدة ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)) ،
(لَمَّا) = حرف وجود لوجود (على قول سيبويه) ، أو ظرفية حينية (على قول الفارسي) شرطية
أي لما صبروا وأيقنوا بآيات الله جعلنا منهم أئمة .
وقرأ حمزة والكسائي ورويس لِمَا بكسر اللام فهي لام تعليل ، أي جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لأنهم صبروا وأيقنوا بآيات الله.
هذا منهجنا وطريقنا الذي نسأل الله أن يثبتنا عليه حتى نلقاه ، ولعل ابن مسعود فقُه الحكمة فقال : "الصبر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله" أي أن الصبر نصف واليقين النصف الباقي كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم ، «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» . رواه مسلم . أي أن صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف الليل ، وأن صلاة الفجر تعدل النصف الباقي ، والله أعلم ، وبالله التوفيق .
 
س 20 سألت أخت من مصر : ما معني جملتك "من إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه" ؟

ج 20 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فقد روى الإمام أبو داوود في سننه وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وغيرهما بأسانيد حَسَنَةٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» فهو حديث حسن كما حكم عليه العلامة الألباني رحمه الله كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2199- 1/438) صحيح الأدب المفرد (1/143) .
وأما عن شرح الحديث فيقول العلامة محمد العظيم آبادي رحمه الله :
(إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ) أَيْ تَبْجِيلِهِ وَتَعْظِيمِهِ (إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ) أَيْ تَعْظِيمَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كُلُّ هَذَا مِنْ كَمَالِ تَعْظِيمِ اللَّهِ لِحُرْمَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ (وَحَامِلِ الْقُرْآنِ) أَيْ وَإِكْرَامَ حَافِظِهِ وَسَمَّاهُ حَامِلًا لَهُ لِمَا يَحْمِلُ لِمَشَاقَّ كَثِيرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الأحمال الثقيلة قاله العزيزي ، وقال القارىء أَيْ وَإِكْرَامَ قَارِئِهِ وَحَافِظِهِ وَمُفَسِّرِهِ (غَيْرِ الْغَالِي) بِالْجَرِّ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ ، وَالْغُلُوُّ التَّشْدِيدُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ يَعْنِي غَيْرَ الْمُتَجَاوِزِ الْحَدَّ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَتَتَبُّعِ مَا خَفِيَ مِنْهُ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنْ مَعَانِيهِ وَفِي حُدُودِ قِرَاءَتِهِ وَمَخَارِجِ حُرُوفِهِ قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ (وَالْجَافِي عَنْهُ) أَيْ وَغَيْرِ الْمُتَبَاعِدِ عَنْهُ الْمُعْرِضِ عَنْ تِلَاوَتِهِ وَإِحْكَامِ قِرَاءَتِهِ وَإِتْقَانِ مَعَانِيهِ وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ ، وَقِيلَ الْغُلُوُّ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّجْوِيدِ أَوِ الْإِسْرَاعُ فِي الْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ عَنْ تَدَبُّرِ الْمَعْنَى ، وَالْجَفَاءُ أَنْ يَتْرُكَهُ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ عُدَّ مِنَ الْكَبَائِرِ قَالَ في النهاية ومنه الحديث اقرؤوا الْقُرْآنَ وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ أَيْ تَعَاهَدُوهُ وَلَا تَبْعُدُوا عَنْ تِلَاوَتِهِ بِأَنْ تَتْرُكُوا قِرَاءَتَهُ وَتَشْتَغِلُوا بِتَفْسِيرِهِ وَتَأْوِيلِهِ ، وَلِذَا قِيلَ اشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعَمَلِ وَاشْتَغِلْ بِالْعَمَلِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعِلْمِ ، وَحَاصِلُهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ مَذْمُومٌ وَالْمَحْمُودُ هُوَ الْوَسَطُ الْعَدْلُ الْمُطَابِقُ لِحَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ (4972 - 8/3114) (وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيِ الْعَادِلِ . (عون المعبود 13/ 132 ، 133) .
وقال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله معقبًا على الحديث :
فالغلو من صفات النصارى، والجفاء من صفات اليهود، والقصد هو المأمور به.
وقد كان السلف الصالح ينهون عن تعظيمهم غاية النهي كأنس الثوري وأحمد. وكان أحمد يقول: من أنا حتى تجيئون إلى؟ اذهبوا اكتبوا الحديث، وكان إذا سئل عن شيء، يقول: سلوا العلماء. وإذا سئل عن شيء من الورع يقول: أنا لا يحل لي أن أتكلم في الورع، لو كان بشر حياً تكلم في هذا.
وسئل مرة عن الإخلاص فقال: اذهب إلى الزهاد، إي شيء نحن تجيء إلينا؟ وجاء إليه رجل فمسح يده ثيابه ومسح بهما وجهه، فغضب الإمام أحمد وأنكر ذلك أشد الإنكار وقال: عمن أخذتم هذا الأمر؟ انتهى (الحكم الجديرة بالإذاعة 1/47).
قال صاحب تطريز رياض الصالحين (1/243) : "فيه: إكرام هؤلاء الثلاثة مما يرضاه الله تعالى ويثيب عليه." انتهى ،
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يكرمون هؤلاء الثلاثة إجلالًا لله وتعظيما لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .
 


الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©